ويتجدد اللقاء الأسبوعي مع
الدكتور/ محسن محمد معالي
ليقدم لنا شرح مبسط لمؤلف من مؤلفاته
معنا هذا الأسبوع
(فن القراءة السريعة)
فَنُّ القِرَاءَةِ السَّريعَةِ
لَقَدْ خَلَقَ اللهُ الإنسَانَ ، وَوَهَبَهُ نِعْمَةَ العَقلِ ؛ لِيَتَأَمَّلَ فِيمَا يَرَاهُ ، وَيَتفَكَّرَ ، ويُعْمِلَ العَقْلَ فِيمَا يَرَى ؛ وَالقِرَاءَةُ هي إِحْدَى وسَائِلِ تَنْمِيةِ الفِكْرِ وَإِعْمَالِهِ ؛ فَهِيَ الوَسِيلَةُ الفَعَّالةُ لِرَبْطِ المَاضِي بِالحَاضِرِ ؛ ذَلِكَ لأَنَّ كُلَّ مَا صَنَعَتهُ البَشَرِيَّةُ ، وَفَكَّرتْ فِيهِ ، وَاكْتَسَبَتْهُ ، يُوجَدُ في صَفَحَاتِ الكُتُبِ ، فَمَنْ أَرَادَ التَّقَدُّمَ ، فَالقِرَاءَةُ وَسِيْلَتُهُ .
وَهَذَا الكِتَابُ تَنَاولْتُ فِيهِ مَهَارَاتِ القِرَاءَةِ التي يَنْبَغِي أَنْ يتَسَلَّحُ بِهَا القَارِئُ ، وَيُعَدُّ هَذَا الكِتَابُ إِضَافَة للمَكْتَبةِ العَرَبيَّةِ ، لِنُدْرَةِ المؤَلَّفَاتِ العَرَبيَّةِ التي تَنَاولَتْ هَذَا المَوضُوعَ .
إِذْ تَنَاوَلْتُ فِيهِ الأنَمَاطَ المُختَلِفَةَ للقِرَاءَةِ ، وَكَيْفِيَّةَ الإفَادَةِ مِنْ الوَقتِ ، وَتَوْفِيرِ الجَهْدِ بِاسْتِخْدَامِ طَريِقَةِ القِرَاءَةِ السَّريعَةِ .
وَبَيَّنْتُ للقَارَئِ أَهَمِّيَّةَ أنْ يَصْنَعَ لِنَفسِهِ الخريطَةَ الذِّهْنِيَّةَ التي لا يَسْتَفيدُ مِنْهَا القَارئُ فَحَسْبُ ، بَلْ إِنَّهُ بِتَكْرَارِ مُمَارَسَتِهِ لِعَمَلِ هَذِهِ الخَرَائِطِ في أَكْثَرِ مِنْ مَجَالِ ، فَإِنَّ قُدْرَتَهِ عَلَى الإِبْدَاعِ في هَذَا المَجَالِ سَتُصْبِحُ حَتْمًا أَفْضَلَ.
وَكَذَلِكَ بَيَّنْتُ كَيفِيَّةَ التَّغَلُّبِ عَلَى المُعَوِّقَاتِ ، التي تَعْتَرِضُ القَارِئَ وَكَيْفَ يَتَغَلَّبُ عَلَى ضَعْفِ الذِّكِرَةِ .
وَعَرَضْتُ أيضًا لمُؤَشِّرَاتِ تَدَنِّي نِسَبِ القِرَاءَة في العَالَمِ العَرَبِيِّ ، في الوَقْتِ الذِي يَبْلُغُ مُتَوَسِّطُ القِرَاءَةِ في الوِلايَاتِ المُتَّحِدَةِ الأَمْرِيكِيَّةِ مَثَلًا نَحْوَ (200) سَاعَةِ سَنَوِيًا .
وَأَشَارَتْ مُنَظَّمَةُ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ للتَرْبِيَةِ وَالعُلُومِ وَالثَّقَافَـةِ (اليُونِسْكُو ) إِلى أَنَّ مُتَوَسِّطَ القِرَاءَةِ في العَالَم العَرَبِيِّ ( 6 ) دَقَائِقِ في السَّنَةِ للفَرْدِ !!
وَهَذَا بِالطَّبْعِ عَلَى اعتِبَارِ الكَمِّ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الكَيْفِ ، نَوعِيَةِ المَوَادِ المَقْرُوءَةِ ، وَهَذَا يَدْفَعُنَا لتَسَاؤُلاتٍ عَدِيدَةٍ مِنْهَا : لماذَا لا نَقْرَأُ ؟ وَكَيفَ نَقْرَأُ ؟ ولِمَنْ نَقْرَأُ؟
وَبيَّنتُ أَنَّ القِرَاءَةَ لَيْسَتْ هَدَفًا في حَدِّ ذَاتِهَا ؛ وَإنَّمَا هِيَ الوَسِيلَةُ الأُولَى للتَعْلِيمِ ، فَقَدْ أَصْبَحَ العَالَمُ يَنْظُرُ للقِرَاءَةِ بِالأَهَمِّيَّةِ نَفْسِهَا التي يَنْظُرُ بِهَا لسِلُوكِيَاتِ الإنسَانِ في الكَلَامِ وَالمَشْي ؛ لأَنَّ الشَّخْصَ الذِي يَقْرَأُ ، وَيَفْهَمُ مَا يَقْرَأُ في سُرْعَةٍ يُمْكِنْهُ أَنْ يُنْجِزَ مِنَ الأَعْمَالِ أَضْعَافَ مَا يُمكِنُ أنْ يُنْجِزَهُ القَارِئُ العَادِي .
وَعَرَضْتُ كَذَلكَ لأَسْبَابِ تَدَنِي قِيمَةِ القِرَاءَةِ فِي عالمنا العَرَبيِّ ، بِعَدَمِ تَرغيبِ وَتَدْرِيبِ أطْفَاِلِنَا مُنْذُ نُعُومَةِ أظْفَارهِهِمْ عَلَى القِرَاءَةِ الجَادَّةِ .
وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الطِّفْلَ القَارِئَ هُوَ الرَّجُلُ القَارِئُ في الغَدِ القَرِيبِ ، وَهُوَ المُفَكِّرُ ، وَالمُعَلِّمُ ، وَالدَّاعِيَةُ ، وَالعَالِمُ ، وَالبَاحِثُ ، وَالقَائِدُ ، وَالمُحَقِّقُ وَالمُؤَرِّخُ، وَالأَدِيبُ .
لِذَا وجَّهْتُ الدَّعوَةَ لأَنْ نَنْفُضَ الغُبَارَ مِنْ عَلَى أعْيُنِنَا ، ووَجُوهِنَا ، وَأنْ نُقَدِّمَ فِكْرًا جَدِيدِةً وَنحَظَى بِعَقْلٍ وَاعٍ ، وَرُؤيَةِ مُبصِرَةٍ لاسْتِعَادَةِ مَجْدِنَا التَّلَيدِ ، وَلِنَعْلَمْ دَائِمًا أَنَّ الأُمَّةَ التي لا تَقْرَأُ هِيَ أُمَّةٌ لا تَرْتَقِي ، وَنَحْنُ أُمَّةُ اقْرَأْ فَكَيفَ لانَقْرَأُ .
نَاقشْتُ كَذَلكَ عَادَةَ القِرَاءَةِ :
لماذَا لا يَقْرَأُ الفَرْدُ العَرَبِيُّ ؟وَكَيْفَ لَنَا أنْ نَتَدَارَكَ الأَمْرَ بِتَرغِيبِ القِرَاءَةِ وَتَشْويقِهَا إِليهِ ؟ وَكَيْفَ نَغْرِسُ عَادَةَ القِرَاءَةِ لَدَى أَطْفَالِنَا رَجَاءَ أَنْ نَجْنِي ثِمَارَهَا في الغَدِ ؟
وَحَرِيٌ بِنَا أنْ نُعَلِّمَ أبْنَاءَنَا قِيمَةَ القِرَاءَةِ ، وَأثَارَهَا ، وَنُبَصِّرَهُمْ بِعَوَاقِبِ إِهْمَالِ القِرَاءَةِ ؛ وَأنْ نَأُخُذَ عَلَى عَاتِقِنَا إصْلاحَ مَا فَسَدَ مِنْ إِهْمَالِنَا للقِرَاءَةِ لِتَداَرُكَ مَا قَدْ غَفَلَ عَنْهُ السَّابِقُونَ في المَاضِي القَرِيبِ ، المُهِمُّ أنْ نَبْدَأَ، وَبِسُرعَةٍ لاتَحْتَمِلُ التَّأجِيلَ ، أوِ التَّسْوِيفَ ؛ لأنَّ التَّاجِيلَ يَعْنِي المزيدَ مِنَ الترَاجُعِ وَالتَّرَدِّي .
وَعَرَضْتُ لأقوَالِ وَآرَاءِ الفَلَاسِفَةِ وَالحُكَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا في أَهَمِّيَّةِ القِرَاءَةِ .
وَبيَّنتُ أَنَّ القِرَاءَةَ وَسِيْلَةٌ لاتِّصَالِ الفَرْدِ بِغَيرِهِ سَوَاءٌ في مُجْتَمَعِهِ أَمْ في مَكَانٍ تَفْصِلُ بَيْنَهُمَا المَسَافَاتُ الشَّاسِعَةُ ، وَ حَرَصْتُ في هَذَا الكِتَابِ عَلَى تَقْدِيمِ نَصَائِحَ تُسَاعِدُ مَنْ يَتَطَلَّعُ للإِفَادَةِ من القِرَاءَةِ وَالتَّخَلُّصُ مِنَ المُعَوِّقَاتِ التي تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُتْعَةِ القِرَاءَةِ .
وَعَرَضْتُ لرَأيينِ مِنْ خِلَالِ نَصَّينِ لِقَامَتَينِ مِنْ قَامَاتِ الأَدَبِ العَرَبيِّ في فَنَّينِ مِنْ فُنُونِ الأَدَبِ ؛ أَحَدُهُمَا نَصٌ نَثرِيِّ للأَدِيبِ عَبَّاس مَحْمُودِ العَقَّادِ ، والآخَر نَصُّ شِعرِيِّ لأمير الشُعَراءِ أحمد شَوقي ، وَعَرَضْتُ لِرَأي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَقَدْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأيَهُ المُتَفَرِّدُ بِهِ ، غَيرَ أَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ في الحَثِّ عَلَى القِرَاءَةِ .
وَبَيَّنْتُ كَذَلِكَ أَنَّ القِرَاءَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ أَهَمِّ المَهَارَاتِ التِي يَجِبُ أَنْ نَتَعَلَّمَهَا لِنَتَوَاصَلَ مَعَ الآخَرِينَ وَنُوَاكِبَ رَكْبَ المَعْرِفَةِ ، وَمنْ ثَمَّ نَتَعَلَّمُ مَا نَحْتَاجُهُ ، لذَا فَنَحْنُ بِحَاجَةٍ أَنْ نَتَعَلَّمَ ، وَنَقْرَأَ الكَثِيرَ بِشَكْلٍ سَرِيعٍ في وَقَتٍ قَصيٍر، وَهَذَا مَا تُوَفِّرُهُ لَنَا مَهَارَةُ القِرَاءَةِ السَّرِيعَةِ ، ومنْ ثَمَّ يَجِبُ أَنْ تُنَمِّي مَهَارَاتِ القِرَاءَةِ لدَيْكَ ، فَالكِتَابُ يَضَعُ بَيْنَ يَدَيكَ سُبُلَ إِدْرَاكِ فَنِّ القِرَاءَةِ السَّريعَةِ.
وَأَسأَلُ اللهَ أَنْ يَكُونَ هَذَا العَمْلُ خَالِصًا للهِ ، وَآخِرُ دَعَوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَيِنَ
دكتور محسن محمد معالي
كتاب( فن القراءة السريعة) من إصدارات مؤسسة حورس الدولية للطباعة والنشر والتوزيع
تجدونه في (٤٧مصطفي كامل بجوار كلية التربية الرياضية بنات بوكلي)
مؤسسة حورس الدولية للطباعة والنشر والتوزيع ( تقدم خصومات شهر نوفمبر) بمكتبة ( حورس بوك ستور)