لقاء يتجدد مع الدكتور محسن محمد معالي وشرح مبسط لمؤلف من مؤلفاته الثمينة
ولقاء هذا الأسبوع مع كتاب
الربا
في اللغة والقرآن والسنة
بقلم الدكتور/محسن محمد معالي
الرِّبَا في القُرآنِ الكَريمِ
هَذَا الكِتَابُ نَتَنَاولُ فيهِ مَسْألةَ الرِّبَا بِاعتِبَارِهَا ظَاهِرَة اجتِمَاعِيَّةِ نَاقَشَهَا القُرَآنُ لخُطُورَتِهَا وَأثَرَهَا وَقَدْ تَتَبَّعْتُ هَذِهِ المَسْأَلَةَ في القُرآنِ الكَريمِ ، وَعَرَضْتُ لِدَلالةِ الرِّبَا في اللغَةِ ، وَفي الشَّرعِ ، وَأَلْقَيْتُ الضَّوءَ عَلَى الآيَاتِ المُبَارَكَةِ التي حُرِّمَ فِيهَا الرِّبَا ، حَيثُ ذُكِرَ تَحريمُ الرِّبَا في أَربَعِةِ مَوَاضِعَ في :
{ 275: البَقَرَةِ } ، {130: آل عمرَان } ، {161: النِّسَاء } ، { 39: الرًُّوم }
وَبَيَّنتُ دَلَالاتِ الرِّبَا فِي اللُّغَةِ ، وَفي الشَّرعِ ، وَفي اصْطِلاحِ الفُقَهَاءِ.
ثُمَّ بَيَّنتُ الرِّبَا في الاسْتِعْمَالِ القُرآنِي ، وَذَلكَ مِنْ خِلاِل التَّفْسِيرِ المَوْضُوعِيِّ للرِّبَا.
وَبَيَّنْتُ أَنْوَاعَ الرِّبَا كمَا بَيَّنَهَا الإِسْلامُ ، وهِيَ: رِبَا النَّسِيئَةِ ، وَرِبَا الفَضْلِ .
ثُمَّ بَيَّنْتُ حُكْمَ الرِّبَا ، وَحِكْمَةَ التَّدَرُّجِ في تَحْرِيمِ الرِّبَا ، وَعَرَضْتُ كَذَلِكَ لِمَسْأَلَةِ التَّدَرُّجِ في تَحرِيمِ الرِّبَا في القُرآنِ الكَريمِ ، فمَا كَانَ اللهُ لِيُحَرِّمَ سُلُوكًا اعتَادَهُ العَرَبُ في حَيَاتِهِمْ بِشَكْلٍ فُجَائي ، وَإنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ بشكْلٍ مُتَدَرِّجٍ .
وَعَرَضْتُ لِتحْرِيمِ الرِّبَا في الأُمَمِ السَّابقَةِ ، وَفي الشَّرائِعِ السَّمَاويَّةِ ، وَبيَّنْتُ أَنَّ الرِّبَا لَمْ يُحَلَّ في أي تَشْرِيعٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، فَالرِّبَا كَانَ مُحَرَّمًا في التَّشْرِيعِ اليَهُودِيِّ ، كَمَا كَانَ مُحَرَّمًا في التَّشْرِيعِ المَسِيحِيِّ ، بَلْ إِنَّ الرِّبَا كَانَ مَكرُوهًا عِندَ أشْرَافِ مَكَّةَ لأَنَّهُ فِطْرَةُ اللهِ التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا .
وَعَرَضْتُ للشُّبُهَاتٍ التي يَحُاولُ ضُعَافُ النُّفُوسِ مِنْ خِلالهَا التَّلَصًّصَ عَلى النَّصِّ القُرآنِي ، وَتَحْمِيلَ الآيَاتِ دَلالاتِ لا تَحْتَمِلُهَا ، وَأَنَّ الرَّغْبَةَ في الكَسْبِ الحَرَامِ مِنَ الرِّبَا تَجْعَلُ المُرَابِينَ لا يَخْتَلِفُونَ في ادِّعَائِهِمْ في المَاضِي وَالحَاضِرِ ، في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، فَكُلُّ مُرَابٍِ يَسْعَى ليُحِلَّ مَا حَرَّمَ اللهُ .
وَمِنْ مُنْطَلَقِ تَعْرِيفِ الرِّبَا : بإَنَّهُ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا ، فَهُوَ رِبًا .
فَقَدْ عَرَضْتُ لهَذِهِ القِصَّةِ مِنَ التِّرَاثِ ، قِيلَ: إِنَّ الإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَجْلِسُ في ظِلِّ جِدَارٍ لجَارِهِ ، فَلَمَّا طَلَبَ مِنْهُ جَارَهُ مَالًا ، وَأَقْرَضَهُ رَآهُ الجَارُ لا يَجْلِسُ في ظِلِّ الجِدَارِ ، كَمَا كَانَ يَجْلِسُ ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : كُنْتُ أَجْلِسُ في ظِلِّ جِدَارِكَ وَأَعْلَمُ أَنَّهُ تَفَضُّلٌ مِنْكَ ، أَمَّا الآنَ فَأَخَافُ أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ حَتَّى لا تَظُنَّ أَنَّ هَذِهِ الجِلْسَةِ للمَالِ الذِيِ أَخَذْتَهُ مِنِّي .
هَكَذَا يَتَّقِي المُؤمِنُ الشُّبُهَاتِ ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ ، مَا آتي المَرْءُ مِنْ رِبًا يَبتَغي بِهِ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَفْعًا ، أَمْ مَالًا ، أَمْ غَيرَ مَالٍ ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَشْرُوطَةً أَمْ غَيرَ مَشْرُوطَةٍ ، وَفي الحَدِيثِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
" مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ بِشَفَاعَةٍ ، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا، فَقَبِلَهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا " ( سُنَنُ أبي داود ، الحَدِيثُ : 3074 ).
وَعَرَضْتُ للتَّوْبَةِ مِنَ الرِّبَا ، وَبَيَّنْتُ رَحْمَةَ اللهِ الذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنِ الذِي يَتُوبُ إِليهِ ، وَأَنَّ مَنْ تَابَ لا يُظْلَمُ ؛ لأَنَّ اللهَ أَعْطَاهُ أَصْلَ مَالَهُ ، ولَكنَّ يَجِبُ أنْ يَرُدَّ مَا أخَذَهُ بِغَيرِ حَقٍّ مِنْ أَموَالِ النَّاسِ ؛ فَلا يَظْلِمُ أَحَدًا . وَحَذَّرْتُ مِنْ مَضَارِ الرِّبَا دُنيويًا وأخرويًا ، وَمَضَارِ الرِّبَا مِنَ النَّاحِيَةِ الاقتِصَادِيَّةِ ( دُنْيَويًّا ) وأنَّ الرِّبَا يَمْنَعُ إِنْشَاءَ المَشْرُوعَاتِ المُفِيدَةِ للمُجْتَمَعِ.
وَبَيَّنْتُ أثَرَ التَّعَامُلِ بالرِّبَا في المُجْتَمَعِ ، حِيْثُ بَيَّنْتُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلى فَسَادِ الحَيَاةِ الاقتصَادية ، إِذْ يَمْنَعُ الرِّبَا إنشَاءَ المَشْـرُوعَاتِ المُفيدَةِ للمجتمعِ ، ومِنْ ثَمَّ يَقِلُّ الإِنتَاجُ وَمَا يَتَرتَّبُ عَليهِ مِنْ آثَارٍ مِمَّا يَضْطَرُّ المُجْتَمَعَ إلى الاستِدَانَةِ وَالحَاجَةَِ من المَصَارفِ التي تَتَعَامَلُ بِالرِّبَا ، فَيَقَعُ المُجتمعُ في المَعصِيَةِ ، وَتُمْحَقُ البَرَكَةُ مِنَ البِلادِ ، ومَا يُصَاحِبُهَا مِنْ فَسَادٍ .
فَالرِّبَا يُؤَدِّي لِضَعْفِ الإِنْتَاجِ وَتَعْطِيلِ طَاقَةِ البَشَرِ، وَيُؤَدِّي لأَضْرَارٍ اجْتِمَاعِيَّةِ أَخْلاقِيَّةِ وَرُوحِيَّةِ وَنَفْسِيَّةِ.
وَقَدْ بَيَّنْتُ عُقُوبَةَ آكِلِ الرِّبَا فِي الدُّنيَا حَيْثُ يُصَابُ بِالأَمرَاضِ ، وَيَمْحَقُ اللهُ البَرَكَةَ مِنْ رِزْقِهِ ، فَلا يَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ ، وَأَعَدَّ لَهُ العَذَابَ الأليمَ في الآخِرَةِ ؛ لأَنَّ جَرِيمَةَ الرِّبَا تُعَدُّ مِنْ أَكْبَرِ الكبَائِرِ ؛ لأَنَّ اللهَ أعْلَمَ المُرَابي بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ ورَسُولِهِ إِنْ لَمْ يَتُرُكِ الرِّبَا ، فَإِنْ تَابَ فَلا إثْمَ عَلَيهِ .
وَبَيَّنتُ كَذَلِكَ أَنَّ الذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا ، اعْتِمَادًا عَلَى فَتْوَى افْتَاهَا عَالمٌ ، بِجَوَازِ فَائِدَةِ الرِّبَا بِحُجَّةِ أنَّ الذَّنْبَ يَتَحَمَّلَهُ صَاحِبُ الفَتْوَى في فَتْوَاهِ ؛ إنَّمَا ضَلَّ سَعْيُهُمْ لِسَذَاجَةِ تَفْكِيرِهِمْ ، وضَحَالَةِ آرَائِهِمْ .
لِذَلكَ أَوصَيْتُ أَجْهِزَةَ الإِعْلامِ المَقْرُوءَةَ ، وَالمَسْمُوعَةَ ، وَ المَرْئِيَّةَ بِتَقوَى اللهِ ؛ لأَنَّ كُلَّ إنسَانٍ مُحَاسَبٌ عَلَى إِهْمَالِ هَذِهِ المَسْألةِ .
وَأَنْ نَتَبَيَّنَ مَصَادِرَ أَموَالنَا ، وَنَحرِصَ عَلَى طَلَبِ الحَلالِ ؛ لأنَّ العَاقِبَةَ وَخِيمَةٌ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ .
وَنَسألُ اللهَ العَلِي القَدِيرَ أنْ يَتَقَبَّلَ هَذَا العَمَلَ ، وَاللهَ أنْ يَكُونَ هَذَا العَملُ نَافِعًا للنَّاسِ كَافَةً ، وَأَنْ يَكُونَ خَالصًا لِوجْهِ اللهِ تَعَالى .
دكتور محسن محمد معالي
الكتاب من إصدار مؤسسة حورس الدولية للطباعة والنشر والتوزيع
تجدونه في مكتبة حورس بوك (٤٧ مصطفي كامل بجوار كلية التربية الرياضية بنات بوكلي)