اللقاء الأسبوعي مع الدكتور محسن محمد معالي

اللقاء الأسبوعي مع الدكتور محسن محمد معالي
اللقاء الأسبوعي مع الدكتور محسن محمد معالي

نلتقي اليوم مع أحدث وأخر مؤلفات 

 الدكتور/ محسن محمد معالي

      ترادف الألفاظ

        (٢٠١٩)

 تناولنا خلال الأسابيع الماضية في  كل أسبوع شرح مبسط لمؤلف من مؤلفات

الدكتور/ محسن محمد معالي

تناولنا عرض ( خمس عشر مؤلف) 

          شرح مبسط

                 بقلم

الدكتور/ محسن محمد معالي

ونعرض اليوم المؤلف ( الخامس عشر)والأخير

تَرَادُفُ الأَلْفَاظِ وَدَلَالَاتهَا 
 في ضَوْءِ دَلَالَةِ السِّيَاقِ
  الحَمُّدُ للهِ رَبِّ العَالمينِ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرسَلِينَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ المَبعُوثِ رَحمَةً للعَالَمينَ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ بُدُورِ الاهتِدَاءِ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسَانٍ إِلى يَوْمِ الدِّينِ .....     وبعد. . .
  لاشَكَّ أَنَّ اللُّغَةَ أَهَمُّ أَدَاةٍ مِنْ أَدَوَاتِ الحَضَارَةِ ، وَالأُمَّةُ التِي تَهْتَمُّ بِلُغَتِهَا تَرْقَي بَيْنَ الأُمَمِ ، وَإِيمَانًا بِهَذَا الفِكْرِ كَانَ إِعدَادُ هَذَا العَمَلِ ، تَنفِيذًا لِسُنَّةٍ طَيِّبَةٍ مَضَتْ ؛ فَقَدْ حَرَصْتُ مُنذُ سَنَوَاتِ غَيرِ بَعِيدَةٍ عَلَى مُشَارَكَةِ طُلَّابِي مُنَاقَشَةَ الدُّروسَ التي أُدَرِّسُهَا لهُمْ ، وَأتَحسَّسُ مِنْ خَلَالهَا مَدَى استِيعَابِهِم ، وَكَذَلكَ كُنْتُ أُحَاوِرُ زُمَلَائِي المُعَلِّمِينَ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ يَدُورُ بَيْنَنَا نِقَاشٌ حَولَ ظَاهِرَةِ مَا مِنَ الظَّواهِرِ اللُّغَوِيَّةِ التِي يَتَصَدَّى لهَا المُعَلِّمُونَ في تَدْرِيسِ اللُّغَةِ العَريِيَّةِ ، وَكَانَ مِنْهَا مُنَاقَشَةُ ظَاهِرَةِ التَّرَادُفِ .
  وَالحَقِيقَةُ أنَّني لم أَكُنْ أَهْدِفُ لإِثبَاتِ ظَاهِرَةِ التَّرَادُفِ في اللُّغَةِ الَعَربيَّةِ ، أَوْ نَفْيهَا ، فَقَدْ شُغِلَ اللُّغَويُونَ قَدِيمًا وَحَدِيْثًا بِظَاهِرة التَّرَادُفِ ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَتْ آرَاؤُهُمْ وَقَنَاعَاتُهُمْ بَيْنَ مُؤَيِّدٍ لِظَاهِرَة التَّرَادُفِ ، وَمُعَارِضِ لَهَا ، وَلِكُلِّ فَرِيقٍ مُبَرِّرِاتُهُ وُحُجَجُهُ وَبَرَاهِيْنُهُ وَشَوَاهِدُهُ التِي تُرَجِّحُ مَا ذَهَبَ إِلَيهِ ، بَيدَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَا نَقْصِدُهُ  فَقَدْ قُتِلَ هَذَا الأَمْرُ بَحْثًا بِمَا يُغْنِي عَنْ الخَوْضِ فِيهِ ، فَالمَيْلُ لأَحَدِ الفَرِيقَينِ لَنْ يُجدي نَفْعًا ؛ لِذَا فَإِنَّنَا نَنْأَى عَنْ هَذَا المَنْحَى مِنَ الدِّرَاسَةِ ؛ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَنْظُرْ في الكُتُبِ القَيِّمَةِ وَالرَّسَائِلِ التي تَنَاوَلَتِ الظَّاهِرَةَ ، غَيرَ أَنَّنَا نُحَاوِلُ أنْ نتَذَوَّقَ الأَلفَاظَ، وَأَنْ نتَلَمَّسَ الدَّلَالَةَ مِنْ خِلَالِ تَحلِيلِ المَعْنَى ، وَبَيان التَّفَاوتِ في الدَّلَالةِ بَيْنَ الأَلفَاظِ ، فَهْيَ وَإنْ كَانَتْ تَشْتَرِكُ فِي جُزْءٍ مِنَ الدَّلَالَةِ ؛ فَإنَّهَا قَدْ تَختَلفُ في جُزْءٍ آخَرِ ، وَهَذَا مَا نُحَاوِلُ إِلْقَاءَ الضَّوءِ عَلَيهِ في ثَنَايَا بَحْثِنَا هَذَا.  
      إِذْ يَقُومُ السِّيَاقُ في أَحيَانٍ كَثِيرَةٍ بِتَحْدِيدِ الدَّلَالَةِ المَقْصُودَةِ مِنَ اللَّفْظِ في الجُمْلَةِ وَقَدْ أَشَارَ العُلَمَاءُ قَدِيمًا إِلى أَهَمِّيَّةِ السِّيَاقِ أَوِ المَقَامِ ، وَتَطَلُّبِهُ مَقَالًا يَتَلَاءَمُ مَعَهُ ، وَقَالُوا عِبَارَتَهُمْ الدَّالَةَ: " لِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ " فَالسِّيَاقُ مُتَضَمَّنٌ دَاخِلَ التَّعْبِيرِ المَنْطُوقِ بِطَرِيقَةٍ مَا ، كَمَا أَنَّ الكَلِمَةَ لَا مَعْنًى لَهَا خَارِجَ السِّيَاقِ الذِي تَرِدُ فِيهِ ، وَمِنْ ثمَّ فَإِنَّ التَّحْدِيدَ الدَّقِيقَ لِدَلَالَةِ الأَلْفَاظِ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلى السِّيَاقِ.
    وَتَهْدِفُ الدِّرَاسَةِ إلى العَمَلِ عَلَى تَنْمِيَّةِ قِيمَةِ الإِدْرَاكِ وَالوَعْي بِتَعَدُّدِ الدَّلالَةِ مِمَّا يُسْهِمُ في قَبُولِ تَفكِيرِ الآخَرِ ، إِذْ يَبْقَى دَائِمًا احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ رَأْي الآخَرِ صَوَابًا ، انطِلَاقًا مِنْ أَنَّ الحَقِيقَةَ المُطْلَقَةَ لا يَمْلُكَهَا أَحَدٌ  مِنَ البَشَرِ ، كَمَا أَنَّ إِدْرَاكَ الدَّلَالاَتِ المُتَعَدِّدَةِ للكَلِمَةِ في سِيَاقَاتٍ مُتَعدِّدَةٍ يَفْتَحُ آفَاقًا جَدِيدَةٍ في نَمَطِ تَفْكِيرِ الفَردِ ، وَيُخرِجُهُ مِنْ ضِيقِ الأُفُقِ إِلى آفَاقِ الاتِّسَاعِ ، إذْ إِنَّ وَظِيفَةَ اللُّغَةِ في التَّفكِير هِيَ استِدْعَاءُ المَفَاهِيمِ غَيرِ المُنْضَبِطَةِ ، وَغيرِ الوَاضِحَةِ إلى الذِّهنِ عِندَ الحَاجَةِ إِليهَا مِنْ غَيرِ إِضْرَارٍ بمُرُونَةِ المَفَاهِيمِ المَنْطِقِيةِ المًنْضَبِطَةِ مِمَّا يُسهِمُ في إِثرَاءِ التَّفكِيرِ لَدَى جُمْهُورِ القُرَّاءِ ، وَمِنْ ثَمَّ ينشَأُ طَالِبُ العِلْمِ وَاعِيًّا مُدْرِكًا لِدَلالةِ أَلْفَاظِ لُغَتِهِ العَرَبِيَّةِ.     
وَالحَقِيقَةُ أَنَّ جُلَّ مَا نَقُومُ بِهِ مَا هُوَ إِلَّا إِلقَاءُ حَجَرِ في المَاءِ الرَّاكِدِ ، عَلَّهُ يُحْدِثُ حِرَاكًا وَإثرَاءً لِلُّغةِ العَرَبِيَّةِ التي نَشْرُفُ بِالانتِمَاءِ إِليهَا .
    هَذِهِ الدِّرَاسَةُ تُعْنَى بِتَنَاوُلِ التَّفَاوُتِ في دَلَالَةِ الأَلفَاظِ المُتَرَادِفَةِ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ في ضَوْءِ دَلَالَةِ السِّيَاقِ ، وَهِي دِرَاسَةٌ تَطْبِيقيةٌ عَلَى نُصُوصٍ مِنَ الثُّرَاثِ اللُّغَويِّ  حَتَّى نَتَمَكَّنَ مِنْ مَعْرَفَةِ خَصَائِصِ هَذِهِ المُتَرادفاتِ مِنْ وَاقِعِ نُصُوصٍ لُغَويِّةِ استُعْمِلتْ فِيهَا .     
    وَقَدْ حَاوَلْتُ في هَذَا العَمَلِ أَنْ أُلْقِيَ الضَّوْءَ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ تَفَاوتًا في دَلالَةِ الأَلفَاظِ المُتَرَادِفَةِ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ ، وَمنْ ثَمَّ السَّعي للوصُولِ إِلى نَتَائِجَ تُعِينُ عَلَى حُسْنِ فَهْمِ النَّصِّ ؛ إِذْ لَيْسَتْ هُنَاكَ أَلْفَاظٌ لَهَا دَلَالَةٌ وَاحِدَةٌ تَقْتَصِرُ عَلَيهَا في النُّصُوصِ جَمِيعِهَا ، وَإِنَّمَا تَتَعَدُّدُ دَلَالَةُ الأَلفَاظِ تَبَعًا لِدَلالَةِ السِّيَاقِ ، وَلاشَكَ أَنَّ الرَّبْطَ بَيْنَ الدَّلَالَةِ المعْجَمِيَّةِ وَدَلالَةِ السِّيَاقِ يُؤَدِّي بِنَا إِلى نَتَائِجَ مُهِمَّةِ ، وَرُؤْيَةِ أَفْضَلِ للنُّصُوصِ التُّرَاثِيِّةِ للُّغَةِ العَربيَّةِ بصِفَةٍ عَامَّةٍ ، وَالنَّصِّ القُرْآنِيِّ بِشَكْلٍ خَاصٍ.
     وقَدْ قُمْتُ في إِطَارِ هَذَا البَحْثِ بِدِرَاسَةِ وَصْفيَّةِ تَطْبِيْقِيَّةِ عَلَى نَمَاذِجٍ مُخْتَارَةٍ منَ الأَلفَاظِ  المُتَرادفَةِ ، وَحَرَصْتُ عَلَى تَحْلِيلِ دَلاَلَتِهَا ، وَبَياَنِ التَّفَاوُتِ في الدَّلَالَةِ بَيْنَهَا .  
 وَبَيَّنْتُ أَنَّ اللفْظَتَينِ المُتَرَادِفَتَينِ ، قَدْ تَشْتَرِكَانِ في جُزْءٍ مِنَ الدَّلَالَةِ ، كَمَا تَخْتَلِفَانِ فِي أَجْزَاءٍ أُخرَى ، بِلْ إِنَّ إِحْدَى اللفْظَتَينِ ، قَدْ تُسْتَخْدَمُ في سِيَاقٍ لا يُمْكِنُ استِعْمَالُ المُتَرَادِفِ الآخَرِ فِيهِ ، مِمَّا يُرَجِحُ أَثَرَ السِّيَاقِ في تَحْدِيدِ المَعْنَى .
 أَمَّا تَعَدُّدُ المَعْنَى المُعْجَمِي : فَمَا نَرَاهُ عِنْدَ النَّظَرِ في المَعَاجِمِ ، إِذْ لا نَكَادُ نَجِدُ كَلِمَةً ذَاتَ مَعْنًى وَاحِدٍ لا تَتَعَدَّاهُ ، فَقَدْ يَأْتِي تَعَدُّدُ مَعْنَاهَا عَنْ طَريقِ تَغَيُّرِ الدَّلالَةِ عَبْرَ القُرونِ ، وَالاحْتِفَاظِ بِالمَعْنَيَينِ القَدِيمِ وَالحَدِيثِ ، أو غَيَرَ ذَلِكَ.
     وَبَيَّنْتُ أَنَّ هُنَاكَ أَلفَاظًا لَهَا أَكْثَرُ مِنْ دَلَالَةِ ، وَتَحْتَاجُ إِلى قَرَائِنِ السِّيَاقِ التي تُرَجِحُ دَلَالَةً دُونَ أُخْرَى ، وَذَلكَ مِنْ خِلالِ عَرْضِ نَمَاذِجِ مُخْتَلِفَةِ الدَّلالَـةِ للَّفْظِ الوَاحِدِ في السِّيَاقَاتِ المُتَعَدِّدَةِ أَوْ المُحْتَمَلَةِ.  
     وَبَيَّنْتُ أَثَرَ السِّيَاقِ في تَحْدِيدِ الدَّلالَةِ ، إِذْ إِنَّ تَعَدُّدَ دَلاَلَةِ اللَّفْظِ يَنْشَأُ مِنْ تَعَدُّدِ السِّيَاقَاتِ التي يُوضَعُ فيهَا ، وَأَنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الوُقُوفِ عَلَى السِّيَاقِ اللُّغَوِيِّ ، وَغَيْرِ اللُّغَوِيِّ: القَرَائِنُ الحَاليَةُ ، وَأَسْبَابُ النُزولِ التي تُعِينُ في تَحْدِيدِ الدَّلالَةِ عِنْدَ التَّصَدِّي لتَفسيرِ آيَاتِ الكِتَابِ الكَرِيمِ ، إِذْ إِنَّ الاخْتِلافَ في فَهْمِ دَلالَةِ لَفْظٍ مِنَ الأَلفَاظِ ، قَدْ يُؤَدِّي إِلى اخْتِلافَ التَّفسِيرِ ، وَمِمَّا قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اخْتِلافٌ في بَعْضِ الأَحْكَامِ الفِقْهِيَّةِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلى اخْتِلافِ ثَقَافَاتِ المُفَسْرِينَ ، وَاسْتِيعَابِهِمْ للشَّوَاهِدِ اللُّغَوِيَّةِ ، وَأَخْذِهِمْ بِهَا ، أَوْ تَرْكِهِمْ لَهَا ، فَمَا يَرْفُضُهُ فَقِيهٌ قَـدْ يقْبَلُهُ آخَرُ .        
 وَقَدِ اسْتَشْهَدْتُ لمُعْظَمِ دَلَالَاتِ الأَلفَاظِ ، بِأَبْيَاتٍ الشِّعْرِ دِيوَانِ العَرَبِ ، وَمِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ بِمَا يُدَعِّمُ وَيُؤَكِّدُ الدَّلالَةَ التي أَقْصِدُهَا. 
 
          وَبَعْدُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّةُ جَدِيدٍ في هَذَا البَحْثِ ؛ فَإِنَّنِي أَسْتَطيعُ القَوْلَ بِأَنَّهُ  :
" دِرَاسَةٌ تَطَبِيقِيَّةٌ "  لِبَيَانِ تَفَاوُتِ دَلَالَةِ الأَلفَاظِ المُتَرادفَةِ في اللُّغَةِ العَرَبيَّةِ . 
     وَفي النِّهَايَةِ أَسْأَلُ اللهَ العَلِي القَدِيرَ أَنْ يَتَقَبَّلَ هَذَا العَمَلَ خَالصًا ، وَأَنْ يَتَجَاوَزَ عَمَّا أَكُونُ أَخْطَأْتَ فِيهِ  ؛ لأَنَّ الكَمَالَ للهِ تَعَالى وَحْدَهُ ،،، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ .
                                                                                            دكتور محسن محمد معالي

جميع مؤلفات الدكتور/ محسن محمد معالي

بمكتبة حورس بوك ستور

(٤٧ مصطفي كامل بجوار كلية التربية الرياضية بنات بوكلي)

جميع مؤلفات الدكتور محسن محمد معالي

من إصدارات مؤسسة حورس الدولية للطباعة والنشر والتوزيع برئاسة الأستاذ/ أحمد عبد المنعم رئيس مجلس الإدارة

 

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

معلومات الكاتب

 
Get new posts by email: