بين التنميه البشريه والتنميه المستدامه مصطلح جديد تعددت تعريفاته باختلاف منظوراته وتعدد جوانبه، يدل على منهجية متكاملة لإدارة الاقتصاد والبيئة والنواحي الاجتماعية والبشرية بالإضافة إلى مقدرات المؤسسات. وتهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق توازن بين الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وبذلك تجعل التنمية البشرية الإنسان هو محور التنمية، و النمو الاقتصادي وسيلة وليس غاية. وتمكن تلك التنمية جميع الأفراد من توسيع نطاق قدراتهم البشرية إلى أقصى حد ممكن ، وتوظف تلك القدرات أفضل توظيف لها في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية . كما تكون رؤية مستقبلية للأجيال القادمة ، بمراعاة عدم استنزاف قاعدة الموارد الطبيعية لدعم التنمية في المستقبل. وينبثق مفهوم تنمية الموارد البشرية من المنظور الاقتصادي، وأن الإنسان هو مورد من أهم الموارد الاقتصادية. ويركز الاقتصاد اهتمامه على الإنسان المنتج وعلى إنتاجية العمل بالدرجة الأولى. وتعتبر صحة الإنسان من مقاييس المردود الاقتصادي، حيث أن الإنسان المريض يعد خصما على الناتج القومي من حيث الإنتاجية في العمل، ومن حيث التكلفة العلاجية، لذلك يجب زيادة اهتمام الدولة بصحة الناس والبيئة المحيطة ، إذ أن لها دور مهم في الحفاظ على هذا المورد وتقليل تكلفة النفقات على الصحة. وهذا دون ريب هو من أوجب واجباتها القومية. وينطبق هذا الأمر كذلك على التعليم والمعرفة والانشطة الثقافية والترويحية. ولكل ذلك يعد العائد الإنتاجي في مفهوم تنمية الموارد البشرية هو العامل الأهم في تخطيط الجهود الإنمائية وما تتضمنه من استثمارات وأولويات، ومعلوم أن غالب دول العالم النامي لم تستطع تحقيق برامج التنمية المستدامة منذ انطلاق مفهومها في ثمانينات القرن الماضي وذلك لأسباب تتعلق بانخراط إنسانها في مرحلة "الاندماج العالمى" المتسارعة التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي، أو ما يعرف بالعولمة التي لا تفرق بين الدول المتقدمة من غيرها. وطالت هذه العولمة مختلف الجوانب الحياة، و أثرت بقوة في مختلف أنواع المؤسسات، في عالم سادت فيه الثورة العلمية والتطورات التقنية الهائلة، التي أسهمت في إعادة تشكيل الموارد البشرية وفي تخطى إشكالية الزمان والمكان في إطار التواصل والتفاعل الإنساني باستخدام تقنية المعلومات المتطورة. كذلك حاول العالم النامي الاندماج في العولمة وهو غير مستعد تماما بموارد بشرية فعالة من حيث التعليم والصحة والثقافة ومن ثم البيئة المحيطة. وساهم هذا في جعل العالم النامي يعيش في "عالم افتراضي" مختلف عن البيئة المحيطة. غير أنه لا نستطيع أن ننكر استفادته من بعض نواحي التطور التكنولوجي والمعرفي المتاح من خلال العولمة الآتية من ثقافات وبيئات متباينة. وتأسيساً على ما ذكر نختم بالقول بأن التنمية المستدامة قائمة على بناء الإنسان أولا قبل استخراج الثروات ، وقبل إنشاء المشروعات الاقتصادية، ذلك لأن التنمية البشرية باختصار هي عملية تمكين الإنسان من تحقيق إنسانيته عن طريق تحسين مستويات الصحة والتعليم والمعرفة والمهارات من ناحية، ومن ناحية أخرى إنتفاع الناس بقدراتهم المكتسبة في أغراض الإنتاج والنشاط وفي أمور الثقافة والمجتمع. هذا بالإضافة بالطبع إلى جوانب أخرى فكرية وسياسية، ومن ثم الاهتمام بالشأن الداخلي والعالمى