التيارات والمسارات الفكرية المختلفة للبشر تمثل توجهات أصحابها ، وكل توجه يحمي نفسه بالدعوة إليه والترغيب فيه للتزايد، ومعاداة كل توجه مغاير لحماية نفسه من التآكل والتناقص أو الإنقراض. يمكن تشبيه تفاعلات توجهات البشر المعرفية بأي تفاعل يحدث في الكون ، فإنها سنة كونية يتشابه تفاعلها في الظاهر وتختلف في الجوهر من حيث النوع والمادة.
تنوع واختلاف هذه التوجهات مع اشتراكهم في اساليب الحماية والانتشار قد يجعلهم متقاطعين في بعض المسارات المشتركة مما لا يدع مجال للشك ان لكل توجه وجاهته والتي قد تكون صائبة ولو لبعض الوقت او في بعض المواقف او مكملة لتوجه صائب آخر مع اختلاف المحتوى.
فالإختلاف سنة كونية لا يمكن التحكم فيها ولكن يمكن إدارتها، ومن خلالها يمكن الإستدلال على عظمة المولى عز وجل.
ويمكن للإنسان أن يجد ضالته في زحام التوجهات وتشابكها وتعارضها إذا أخلص القلب والعقل للوصول للحق بشكل مجرد لا هوى فيه ولكن تحت مظلة "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ" أي لا أحد يملك الحق المطلق.
قبول الإختلاف واجب "وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ"، وهو لا يعني التنازل عن الثوابت، فإذا كان من الطبيعي وجود تنافر معرفي "فكرتين متناقضتين" لدى الشخص نفسه سواء كان في نفس الوقت أو بإختلاف مراحل العمر أمر طبيعي، فمن الأولى قبوله بين البشر.