ترتجف القلوب علواً وإنخفاضاً على مسار منحنى الحركة يميناً ويساراً ؛ ما بين متجهاً هنا وهناك راغباً في عمل محققاً لرغبة ، متخلياً عن مسئولية ساعياً في علاقة أو مُنهياً لأمر، وتتعالى الأصوات في الأمكنة البعيدة وتتداخل على مدى البصر ؛ وتتنوع المشاهد الساكنة والمتحركة على مدار اليوم في كل أرجاء المعمورة ، التي تنبض بالحياة في كل جوانبها حول الإنسان محور الكون ورمز التطور؛ وقائد التغيير ومحل المشاعر الراقية والصراعات النفسية والخواطر البشرية التي تنبسط بها الانفعالات بين الناس ؛ وتتأزم بمكان آخر حيث تتوالى أمواج العلاقات ذهاباً وإياباً وانفصالا وانفصاما .
تشتعل المنافسات الرياضية وسط حماس المُشجعين؛ ويتزايد السباق المحموم في الإقتصاد بين الجماعات البشرية فتعمل الشركات ليل نهار، ليُحقق كل فرد أحلامه وتكتظ مدرجات الجامعة وأماكن الدرس للمدرسة بالطلبة ؛ وتتكاثر الحفلات الغنائية ودور العرض والمسارح وتتزين الطرق بالمارة ، وتلهو الأطفال بالأماكن الخضراء ويمارس كل متخصص إختصاصه ؛ وتغرد الطيور مع كل صباح وتتعالي الضحكات ويلتقي الأحبة وتملأ البهجة الحياة ؛ في كل الأرجاء وفجأة يصمت كل شيء .
ما أقسي تلك اللحظة التي توقف فيها كل شيء ؛ وأنتحرت الحياة تحت عجلات التقدم وجناح الرفاهية ، حين يُقذف بالقلب في ظلمات أعماق المحيط الغاضب ؛ وتحتضر الكلمة بين الشفتين وتبحث الابتسامة عن حضن دافئ يرُد إليها صدى الفرحة اليتيمة ؛ والأمان الأخير بلا جدوى وحيرة عين طفل غائرة في رأسه من الخوف والترقب ، لهول ما يرى من فزع في وجوه من حوله ، ويحاول أن يجد ما يحنو ويخفف عليه ما يرى ويشعر حتى يغفو من شدة المعاناة .
أين اختفت البهجة وتواري نسيم الصباح وأندثر تحليق الطيور، ورقص ورق الشجر وجمال الثمار في المزارع ؛ وحماسة العمل والحياة ورونق الأمل وهيبة الإنجاز ، وحميمة العلاقــات الإنسانية ودفء المشاعر الزوجية وفرحــة اللقــاء بعــد الفراق ؛ ومذاق الحياة الجميل يا لها من روح تَبُث فينا كل شيء ، فينبض كل مكان بالحركة والقيمة والجمال وتزدهر اللحظة لتتباهي بالحياة ؛ وتتزين لتنير الطرق ومالنا عن تلك النعمة من بديل ؛ ولا ملجأ من خالقنا إلا إليه ، لنعود منيبين متطهرين معترفين بعظم فضــله علينا ؛ فهو المنعم الأوحد والعاطي بلا حـدود وكفى بنا خـوفاً وعبرة ... من ذلك السكــوت المفاجئ .