عاصم صبحي يكتب.....منتصف أكتوبر

عاصم صبحي يكتب.....منتصف أكتوبر
عاصم صبحي يكتب.....منتصف أكتوبر


يبدو العنوان غامضاً مثيرًا ، فإذا كان الجواب يُعرف من عنوانه فإن هذا العنوان لا يكشف عن فحواه ، قد يصلح عنوانًا لقصة أو رواية ، و قد يصلح عنوانًا لمقالة ذات هدف رئيس ، تسائلت و احترت بين العناوين بينما كان هدفي واضح و موضوعي محدد إلا أن كيفية صياغته قد استعصت لوقت ، حتي أنني قد سألت أبطال موضوعي ، قصة أم مقال ؟ ، لم يجتمعوا علي رأي ، فمنهم من حبذ القصة و منهم من رأي في المقال المختصر المفيد ، لكن موضوعي و موضوعهم كذلك لا ينطوي علي المختصر المفيد ، فالتفاصيل كثيرة كذلك الأبطال ، لهذا جاءت الحيرة بين العناوين ، علي سبيل المثال للعناوين المختلفة التي ترددت في خاطري " العملية ٣٥ " ، " جماعة الضغط " ، " الاحتفالية " ، و غيرها لكن كما تري عناوين فاضحة أي يسهل عليك تخمين و استنباط فحواها ، و لعلي بذكرها أكون قد أشعلت مخيلتك و استثرت حواسك ، فدعني إذًا أخوض و إياك في التفاصيل .
اعتدت منذ ثلاث سنوات و بالتحديد في نفس الموعد " منتصف أكتوبر " علي كتابة موضوع يخص أناس بعينهم ، حلّ الموعد عامرًا زاخرًا بالأحداث ، فعلي مدار يومي الرابع عشر و الخامس عشر من أكتوبر جرت تلك الأحداث المرتبة سلفًا ، فقد تم التحضير و التجهيز و الاستعداد لهذين اليومين بالتحديد في شهر أغسطس أي قبل موعد التنفيذ بشهرين .
دعني أُعرفك علي الأبطال ، فهم كثر ، لن أُعرفك عليهم اسمًا اسمًا بالطبع ، لكني أقصد بتعريفهم كنيتهم ، من هم و تحت أي مسمي يجتمعون كل عام ، هم يا سيدي الفاضل خريجوا كلية سان مارك بالاسكندرية " دفعة ٨٧ " ، أظن أن الرؤية قد وضحت الآن نوعًا ما ، تحدثت عن و ذكرت بعض أسماء هذه الدفعة في العامين الماضيين ، و عددت مواهبهم و اختصاصاتهم ، و عينت بعض الأدوار ، لكن تبقي أسماء و أدوار لا يمكن تغافلها حتي و إن كتبنا عشرات المرات ، لا لسبب إلا أن هذه الأسماء أخذت علي عاتقها منذ أن قررت و حددت الدفعة موعدًا لتجمعهم و احتفالهم تنظيم و تجهيز كل صغيرة و كبيرة ، و سطع نجمهم هذا العام خاصة لعظم و أهمية الاحتفالية الكبري و هي مرور خمس و ثلاثون عامًا علي تخرجهم من القلعة التعليمية الأولي في مصر " كلية سان مارك " .
" مهندس السفن " كما أطلقت عليه أو " وائل نصر " و هو خريج كلية الهندسة بالفعل ، ان يخلو مقال أو قصة عن " دفعة ٨٧ " من اسمه ، أخذ علي عاتقه ترتيب و تنظيم تلك الاحتفالية الضخمة و التي اتخذت من صالون كلية سان مارك مسرحًا لها ، دُعي لها لفيف من خيرة المدرسين الذين تتلمذنا علي يديهم ، و علي رأسهم " فيرار Frère چورچ عبسي " مدير مدرسة " دي لا سال " بالضاهر القاهرة حاليًا و مدير سان مارك سابقًا ، و الأستاذ " وجيه حنا " مدير المدرسة الحالي .
تضمنت الترتيبات توحيد الزي لكل من حضر من الدفعة الكريمة ، تيشيرت بولو موحد طُبع عليه لوجو المدرسة الشهير و رقم 35 ممثلا عدد السنين التي مرت علي التخرج ، كما تضمنت عدة هدايا عينيه مميزة و فخمة اختص بها أفراد الدفعة ، كما اختص المديرين و المدرسين بدرع تذكاري طبعت عليه المناسبة و وضع بعلبة مكسوه بالقطيفة الزرقاء " شغل فاخر من الآخر " ، و لم ينسي بل و لم ننسي جميعا تكريم أسماء زملائنا الذين توفاهم الله ، فقد كُرموا في شخص من حضر من ذويهم بتوزيع دروع أُعدت خصيصًا لهم ، طُبع علي كل منها صورة شخصية بإسم المتوفي ، و أيضا داخل علبة مكسوه بالقطيفة الزرقاء ، و لم يغفل الباشمهندس عن تسجيل و توثيق الاحتفالية بالتصوير المحترف .
أما ثاني الأسماء فهو بطل آخر من أبطال الدفعة ، اسم علي مسمي " نسيم " قولا و فعلا ، هذا الاسم هو صاحب تصميم و تنفيذ الزي الرسمي للاحتفالية و احدي الهدايا التذكارية ، ثم يأتي دور بطل آخر أثناء الاحتفالية و بعدها ، دور توثيقي فوتوغرافي ، بعين محبة لا تري سوي الجميل و تلتقطه في صور تكاد تنطق بلسان محب عاشق تحمل توقيع " محب " ، حمل الكاميرا و جاب القاعة يمينًا و يسارًا ، ذهابًا و إيابًا ، يلتقط كل صغيرة و كبيرة موثقًا لحدث قلما تري مثله ، كما أنه حمل ذات الكاميرا في اليوم التالي للاحتفالية كما سيرد ذكره لاحقًا .
إذًا .. تري الأسماء " وائل " من وأل و الموئل و الملجأ اسم ذو تواصل اجتماعي ، و " نسيم " ريح خفيفة طيبة ، و " محب " من الحب ، أنظر إلي اختيارات القدر ، لا تأتي مصادفة ، و الأسماء لم تنتهي بعد .
مما لا شك فيه أن الاعداد و الترتيب و التجهيز لمثل هكذا احتفالية يجب أن يكون وراءها إدارة ممتازة ، رجل عهد الادارة من صغره ، نشأ و تربي علي الادارة ، ابن بلد جدير بالاحترام ، يتعامل مع الكل بحب و ود مطبوع عليه ، و هو أحد الأبطال الخالدون فهو " خالد " ، حظي بشرف ادارة الاحتفالية ، كام حظيت الكافيتريا التي يملكها بمحطة الرمل " كافيه دي لابيه " بشرف استضافة الأبطال بعد انتهاء يوم الاحتفالية الأول .
كلمات .. لا يستطيع قلمي حصرها ، لن يسعفني ذهني و قد تخذلني موهبتي في الكتابة إذا تعرضت لوصف الكلمات التي أُلقيت خلال الاحتفالية .
تحدث الضيوف و ألقي كل منهم كلمته و التي جاءت غير معدة مسبقًا ، عفوية صادقة من القلب للقلب ، فيرار چورچ أثني ، أستاذ چورچ حداد تذكر الأيام و السنوات ، أستاذ وجيه رحب و افتخر بالدفعة ، أستاذ مصطفي حنفي أستاذ اللغة العربية الوقور أطري ، كذلك كل من مدام سونيا مدرسة اللغة الفرنسية جميلة الجميلات ، و أستاذ ممدوح كامل جهبذ الرياضيات ، و كابتن علي عبد المعطي حارس الرياضة بالمدرسة ، ثم كان الابداع في كلمة تُدرس و تُلقي علي مسامع طلبة الجامعات من الأستاذ الدكتور مجدي عجمية أستاذ بقسم اللغات الشرقية و آدابها بكلية الآداب جامعة الاسكندرية حاليا و مدرس اللغة العربية بسان مارك سابقاً ، جاءت كلمته جامعة مانعة شاملة في لغة عربية فصيحة و بلسان عربي مبين يخجل و يتواضع قلمي أمامها . كل الشكر و الامتنان لفضلهم علينا جميعا ، فإن كنا نفخر بإنتمائنا لهذه القلعة التعليمية فالفضل يرجع إليهم جميعاً في تربيتنا أخلاقيًا قبل أن يدرسوا لنا المواد التعليمية .
و تباري أعضاء الدفعة الكريمة في إلقاء كلماتهم العفوية النابعة من القلب ، فجاءت مرحة و مرحبة و ممتنة و فاخرة ، حتي ختمت بقصيدة رثاء قصيرة في زملائنا و أخوتنا الذين افتقدناهم و اسمحوا لي أن أفردها في هذا المقام :
كم من رفيق درب رافقناه
في زخم الحياة نسيناه
إلا رفيق دراسة عهدناه
بالقلب أبدًا لن ننساه
بين أحمد و فؤاد و عثمان
انفطر القلب مادام الزمان
ما برحت أدعو لحازم
حتي نعيت في ناجي
فكان مرض الصاوي
ما هو منه بناجي
و أما أنت يا تمام
فتعمقت بفراقك الأحزان و الآلام
علي عهدي أنا يا صديقي
رفيقي مادام طريقي
بكل تواضع حظي كاتب هذه المقالة بتأليف و إلقاء هذه القصيدة ، و إن كان قد خانني صوتي متأثرًا و لكوني صاحب صوت ذو طبقة هادئة لا تصلح علي ما بدي لفن الالقاء .
ضيفان عزيزان أفرد لهما هذه المساحة ، " دعاء طاهر " احدي خريجات مدارس الراهبات بالاسكندرية ، مؤسسة جروب " خريجي مدارس الرهبان و الراهبات بالاسكندرية " علي منصة التواصل الاجتماعي " فيسبوك " و هو ما يعرف اختصارًا " ESFA " ، و قد كان لي الشرف أن كتبت مقالة خاصة به منذ فترة ، ذلك لما له من دور فعال اجتماعيًا و ثقافيًا ، حتي أنه تحول إلي مؤسسة اجتماعية مشهرة ، كان ل " دعاء " حضور خاص و ملفت لما تتميز به من لباقة و ذكاء اجتماعي ، جاءت كلمتها مقتضبة تحمل الكثير من المعاني الفياضة بالود و حسن المشاعر .
" رامي خياط " هذا الاقتصادي الفنان مدير " الأميكال بسان مارك " ، و " الأميكال " هو بمثابة النادي الاجتماعي لخريجي المدرسة ، جدير بأن تُفرد له مقالة خاصة نسرد بها جوانب من حياته و شخصيته و آرائه و اقتراحاته و اسهاماته ، سواء عمليًا أو اجتماعيًا ، و إن اختصرت الحديث في نقطة واحدة فلا ينقص هذا من حقه و قدره ، كانت كلمته مصدر تشجيع و تحفيذ لجميع دفعات الخريجين قاطبة قديمها و حديثها ، جاء مصطلح " جماعة ضغط " علي لسانه بمثابة إلهام لي بموضوع جدير بالاحترام ، حتي أنني فكرت أن يكون عنوان مقالي هذا ، و قد صارحته بهذا ، تتلخص الفكرة في كون خريجي سان مارك مميزون و كثر ، و منتشرون في جميع أنحاء العالم شرقًا و غربًا ، رافعون رأسهم و رأي بلدهم مصر شامخًا ، بما يتميزون به من حسن الخلق و رقي في التعامل مع جميع فئات المجتمع محليًا و عالميًا ، و تميزهم علميًا و عمليًا ، فهو يري إذًا و أنا معه أن في اتحادنا و تعاوننا قوة لا يستهان بها داخل المجتمع مشّكلة " جماعة ضغط " لما لها من رؤي و رأي في مناحي الأمور السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية لما فيه صالح البلاد و العباد ، و لعلي أنتهز هذه الفرصة و أضم صوتي لصوته و أدعو إلي تأسيس كيان يضم خريجو سان مارك و من هم علي شاكلتهم يكون مصدر رأي حر و يعمل علي رفعة الوطن ، شرفتنا و نورتنا يا رامي .
انقضي اليوم الأول للإحتفالية " الجمعة ١٤ أكتوبر " بنجاح باهر تاركًا خلفه ذكري عطرة و علامة يحتذي بها لم يسبقها مثيل ، فأصبحت الاحتفالية هذه نموذجًا و قدوة يحتذي بها ، ثم كان الاتفاق و التواعد علي اليوم التالي " السبت ١٥ أكتوبر " و هو موعد الاحتفالية الخاصة بأبطال الدفعة ، حضر من حضر و اعتذر من اعتذر ، كلٌ حسب ظروفه و ارتباطاته العملية و الأسرية .
للعام الثالث علي التوالي حظيت احدي القري الساحلية بشرف استضافة هذا التجمع في نفس التوقيت من كل عام " منتصف أكتوبر " ، فكان المضيف أمير البحار كما أطلقت عليه من قبل ، أحد الأبطال المميزين جميعًا ، اسمه من التعمير و البناء و الزيادة ، يتصف صاحب هذا الاسم بالعقل و الحكمة و حسن الخلق ، هو " عمرو " و لتمييزه اقترن اسمه بلقب العائلة الحامد الشاكر " حَمَد " ، اتسع صدره و قلبه للجميع قبل أن يتسع منزله ليضم العدد الغفير من أعضاء الدفعة في يومهم الخاص ، حيث اللعب و المرح و الفكاهة و الذكريات و السباحة في البحر ، و ما لذ و طاب من المأكولات و المشروبات ، و ذلك مع سطوع الشمس و حتي غروبها حاملة معها أجمل و أرق الذكريات لقلوب اجتمعت علي قلب واحد في تواصل دائم و علي وعد بلقاء يجمعهم ثانية عن قريب و أظنه في شهر رمضان إن شاء الله .
هكذا أكون أديت الدور الذي وكل إليّ و هو توثيق آخر ليوم سيبقي خالدًا في القلوب و في ذاكرة كلية سان مارك ، أرجو أن أكون قد أديت مهمتي علي أكمل وجه ، و بالنهاية لا يسعني إلا أن أشكر كل من ساهم و حضر و كل من لم يسعفه الحظ للحضور و كان حضوره بالقلب ، أشكر كل من وقعت عليه عيني و كل من تحدثت إليه و تحدث إليّ ، و أشكر و أحمد الله عز و جل أن كنت أحد أبطال هذه الدفعة الكريمة و حباني الله بهذا الشرف ، دمتم بصحة و خير دائما و إلي لقاء قريب إن شاء الله .


 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى عاصم صبحي يكتب...في زمن عز فيه القدوة

 
Get new posts by email: