الاسرة هي أهم مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بل هي أهم وكالة اجتماعية أوكل لها تنشئة الأطفال وبناء الأجيال ، فهي أول خلية اجتماعية يرتبط بها الانسان منذ طفولته، وهى ضرورية لبقائه ، فهي التي تتولى رعايته جسمياً و عاطفياً و فكرياً و اجتماعياً ، وهى احدى المؤسسات الاجتماعية التي يقع عليها مسؤولية التنشئة الاجتماعية لأفرادها منذ مرحلة الطفولة ، وحتى مرحلة المراهقة و الشباب ، فهي المؤسسة التي يتمحور حولها حياه الناس ، وتشكل الوسيط بين الفرد والمجتمع ، واذا كانت الاسرة ذات دور حاسم خلال مرحلة الطفولة المبكرة فإنها تلعب نفس الدور خلال مرحلة المراهقة و الشباب.
وظائف الاسرة
منذ القدم و الأسرة تقوم بوظائفها بالصورة التي تناسب العصر الذى تعيشه ، ولا شك أن تقدم العصور و تطورها لم يكن واضحاً فقط فى طبيعة الحياة أو اسلوب تناولها للمشكلات ، وإنما اشتمل ايضاً الأسرة وطبيعتها ،ووظيفتها ،وكيفية تحقيقها ،ونوعية ووسائل تحقيقها وبناء على ذلك فإن الوظائف لم تتطور من حيث حجمها ولكن ايضاً من حيث تناولها أو ممارستها داخل نطاق الحياة الاسرية ، و لكن الذى يجب ان نشير اليه ان الذى لم يختلف منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا هو ان الوظائف قديماً و حديثاً تستهدف بالدرجة الأولى تكوين الشخصية الفردية المتزنة انفعالياً والقادرة على التكيف مع متطلبات الحياه.
وظائف الأسرة تتمثل فيما يلى:
الوظيفة البيولوجية:
و تنحصر في عدة مهام وهى الانجاب الاطفال و تنظيم النسل و الحفاظ على النوع ،بالاضافة لتوفير الرعاية الجسدية ، و الصحية ، و المسكن ، و الغذاء. ولذا نجد ان العلاقة الزوجية تهدف دائما الى توفر هذه اللإشباعات من خلال انجاب الأطفال و اعدادهم كوحدات بشرية يقوم عليها المجتمع و تقوم بمواصلة مهمتها اتجاههم من خلال اعدادهم و الاشراف عليهم و رعايتهم و تربيتهم تمهيداً لتوليهم زمام امور المجتمع و احتلال مكانات مختلفة فيه.
وظيفة التنشئة الاجتماعية:
وهى من الوظائف الاساسية التي لا يمكن للإنسان أو المجتمع الاستغناء عنها، وذلك لكون الانسان يولد و ليس لديه اي نوع من القدرة على مواجهة متطلبات الحياه، ولهذا يكون لعمليات التطبيع و التدريب و التشكيل الاجتماعي الدور الفعال في بناء شخصية الانسان، و تحويله عن طريق عمليات التنشئة الاجتماعية من كائن بيولوجي عند مولده الى كائن اجتماعي يتأثر و يؤثر في المجتمع.
وتكون بداية التنشئة الاجتماعية عن طريق الاسرة التي تشكل منذ البداية الوحدة الاجتماعية الاولى بالنسبة للفرد ، فهو يتعلم منها كل متطلبات و احتياجات مجتمعه و حاجاته من المجتمع ، فالأسرة هي حلقة الوصل بين الفرد و المجتمع ، وفى نطاق الاسرة التي تمارس عملية التنشئة الاجتماعية يكتسب الفرد هويته الشخصية ،حيث تقوم بغرس العادات و القيم الايجابية في نفس الابناء كاحترام الاخرين و بث روح التعاون و الانتماء و الصدق و الاخلاص، كما تقوم الاسرة بتعليم ابنائها كيفية تكوين العلاقات الاجتماعية ضمن عدة ضوابط تعتمد على الدين والقيم. كما ان الاسرة لها دور هام في تكوين شخصية الطفل من خلال تنشئته اجتماعياً و اكسابه عادات و اتجاهات و معتقدات المجتمع الذى ينتمى اليه و تزويده بمختلف الخبرات و تنمية شعوره بالألفه و المحبة و الانتماء لأسرته و المجتمع الخارجي المحيط به.
الوظيفة الاقتصادية:
حيث تقوم الاسرة بتوفير كافة الاحتياجات المادية لأفرادها، لضمان حياه كريمة ،فالأسرة تتحمل ضرورة الموازنة بين دخلها و احتياجاتها وهذا يساعد على استقرارها ، فبعض مشكلات الاسرة التي تصل لحد الطلاق والتصدع الاسرى سببها القصور المادي في الاسرة.
الوظيفة الثقافية:
مما لا شك فيه ان للأسرة وظيفة ثقافية كبيرة بعيدة المدى ، فهي الكيان الوسيط بين المجتمع و افراد الاسرة ، فهي تبث فيهم مفاهيم الحياة والقيم الاجتماعية السائدة في المجتمع وتقاليده التي تحكم العلاقات بين افراده و جماعاته ، وتمد المجتمع بأفراد قادرين على تحمل المسؤولية.
وظيفة الحماية:
تقوم الاسرة بحماية اعضائها من الاعتداءات الخارجية التي قد تقع عليهم من الاسر الاخرى في المجتمع المحلى ، كما تقوم بحمايتهم جميعاً و تزويدهم بكل ما يحتاجونه من عون مادى و معنوي.
الوظيفة الدينية و الاخلاقية:
تقوم الاسرة بالوظيفة الدينية التي تتمثل في قيام الابوين بتعليم الاطفال مبادىء الدين و تعويدهم العادات الاجتماعية الحسنه التي من التعاليم الدينية والقيم الانسانية مثل قيم الاخاء و المحبة و التعاون و التضحية.
الوظيفة نفسية و العاطفية:
حيث تقوم الاسرة بتوفير الاحساس بالأمان و الاستقرار لدى أفراد الاسرة ، و زيادة شعورهم بالحب و الحنان ، و السلام و الراحة النفسية من خلال العيش دون خطر او قلق يهدد حياتهم ، ويعد تزويد افراد الاسرة بالإحساس بالأمن و الاستقرار و التوافق النفسي من أهم الوظائف و يتم ذلك من خلال معالجة المشكلات و حلولها ، و تنمية الثقة بالذات. فنجاح الاسرة في تهيئة الجو النفسي المناسب للطفل يتوقف على مدى ما يوفره الوالدين لأبنائهما في حياه الاسرة من تجاوب و علاقات طيبة بينهما كزوجين ، مما يؤدى الى تهيئة جو من الصحة النفسية السليمة للأبناء.
ومما سبق يتضح ان الوظيفة الحقيقية للأسرة هي وظيفة بناء الشخصية الاجتماعية الثقافية للفرد، اي وظيفة التنشئة الاجتماعية وكذلك التربية العاطفية للفرد و تغذيته بالأحاسيس والمشاعر التي تكفل له مقاومة التوترات و مواجهة الازمات، ولا توجد اي مؤسسة اجتماعية أخرى يمكن ان تؤدى هذه الوظيفة بهذه الكفاءة او حتى قريبة منها ، وهكذا تظل الاسرة وحدة نسيج المجتمع و الخلية الاولى له و النظام الاجتماعي المستمر عبر الزمن وعبر الحضارات وكل المجتمعات.
أهمية دور الأسرة في حياة الابناء
تعتبر الاسرة أكثر عوامل التنشئة الاجتماعية أهمية ، فالأسرة كمجتمع صغير عبارة عن وحدة ديناميكية لها عدة وظائف تهدف الى نمو الابناء نمواً اجتماعياً ، و يتحقق هذا الهدف بصفة مبدئية عن طريق التفاعل العائلي الذى يحدث داخل الاسرة ، والذى يلعب دوراً هاماً في تكوين شخصية الابناء و توجيه سلوكهم.
الاسرة هي الاطار الذى يحدد تصرفات أفرادها فهي التي تشكل حياتهم وتضفى عليهم خصائصها وطبيعتها ، فهي مصدر العادات والتقاليد والعرف و القواعد السلوكية و الأداب العامة ، ويرجع اليها الفضل في القيام بالتنشئة الاجتماعية و تنظيم سلوك الابناء حيث تهدف الى تحويل الابناء الى اعضاء فعالين قادرين على القيام بأدوارهم الاجتماعية.
الاسرة تشبع حاجات الطفل البيولوجية و النفسية لذلك كان لأنماط السلوك الاجتماعي الذى يتعلمه الطفل في محيط الاسرة قيمة كبرى في حياته المستقبلية فكثير من مظاهر التوافق او عدمه يمكن ارجاعها الى نوع العلاقات الانسانية التي سادت بين افراد الاسرة فى سنوات حياة الطفل الاولى ، وهي تعد من أهم العوامل التى تساعد على اشباع الحاجات النفسية و الاجتماعية و الجسمية و الروحية و كيفية تحقيق ذلك فى مراحل العمر المختلفة، كي يمكن بناء ابناء يتمتعون بشخصية متكاملة و بصحة نفسية.

