مجلة إسكندرية عدد نوفمبر ٢٠٢٤
تم النشر بواسطة مجلة إسكندرية في الخميس، ٧ نوفمبر ٢٠٢٤
عندما نقول لفظ الجونه يتجه التفكير اوتوماتيكيا الي مدينه الجونه السياحيه جنوب مدينه الغردقه ب ٢٠كم.. و لا يدرك الكثيرون ان بالاسكندريه اكثر من جونه... اشهرهم جونه ستانلي... كما هو موثق بخرائط بلديه الاسكندريه بدايه القرن العشرين.... مرفق الخريطه و بنظرة واحدة على الصور الفوتوغرافية القديمة المتاحه كتذاكر بوسته... او كروت بوستال بالتعبير الحديث... او حتي علي وسائل التواصل الاجتماعي علي التي تؤرخ لهذا الحي، ستدرك على الفور مدى الرقي الذي كان عليه في الماضي. و حي «ستانلي»، أحد أشهر الأحياء بمدينة الإسكندرية، الذي كان يقطنه في بدايات القرن العشرين عدد كبير من الإنجليز، وهو ما تؤكده القصور والفيلات المشيدة على الطراز الإنجليزي بشكل مائل يغطيها القرميد الأحمر، التي لا يزال بعضها قائما، ومن خلفها تظهر كنيسة «جميع القديسين» All Saints Church الإنجليزية، التي شيدها بعض أفراد الجالية البريطانية وأشرف عليها أسقف لندن. كما أن اسم الحي يتخذ ملمحا إنجليزيا، ورغم عدم وجود روايات مؤكدة تشير لماذا سمي هذا الحي باسم الصحافي والرحالة الإنجليزي هنري مورتون ستانلي (Henry Morton Stanley)، الذي اكتشف منابع النيل عند بحيرة فيكتوريا و بحيره البرت في عام ١٨٧٥ مع حمله سيرها الخديوي اسماعيل (١٨٦٣ - ١٨٧٩) وتبعها بالوصول إلى بحيرة إدوارد عام١٨٨٩. قد عاش اي فتره من حياته بالاسكندريه.... أما شاطئ البحر المتوسط في «ستانلي»، فيحتكر أجواء سكندرية خاصة، الذي اعتاد الأوروبيون تسميته «ستانلي باي Stanly bay »، فهو من الخلجان النادرة في البحر المتوسط وشاطئ مميز لا يوجد مثيله في مصر، فهو يحتضن تكوينات صخرية نادرة، أما شاطئه فيتطلب لملامسة رماله النزول بسلالم إليها بمقدار 3 طوابق. وينفرد الشاطئ دون غيره، بوجود «كبائن» في شكل نصف دائري تحيط بالشاطئ، وهذه الكبائن يتم تأجيرها للمصطافين، وكانت من قبل عبارة عن أكواخ خشبية متراصة، ونظرا للإقبال المتزايد على الشاطئ قامت بلدية الإسكندرية عام ١٩٣٢ بإنشاء المزيد من الأكواخ على ٣ مستويات، تطورت في ما بعد للكبائن التي لا تزال سمة مميزة للشاطئ و قامت بذلك .شركة المقاولات الإيطالية "دنتامارو وكارتارجيا و كان شاطئ ستانلي ولا يزال أحد أشهر أماكن الاصطياف التي يسعى الجميع إليها، فعلى رماله كان يمكن رؤية الرجال في الماضي وقد ارتدوا البزات البيضاء الشارك سكين Shark skin والقبعات الإنجليزية الشهيره ، أما السيدات فكن يرتدين أبهى الأزياء الفرنسية ولا تفارقهن المراوح الدانتيل، كذلك كانت الجميلات يقمن بعروض أحدث موديلات ملابس البحر، أما في المساء فكانت القصور والفيلات الفخمة والأندية الليلية حوله قبلة لطبقات المجتمع الراقية. في منظر كان لا يضاهيه الا الريفييرا الفرنسيه وقد توافد نجوم السينما المصرية على هذا الشاطئ دون غيره من كبار نجوم السينما و الادب في مصر ، كما حظي الشاطئ بزيارة الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستي. أما فندق ومطعم «سان جيوفاني» فندق ريالتو Rialto سابقا الذي كان يفتح على البحر مباشرة، فقد توافد عليه عدد من المشاهير الذين كانوا من زبائنه، منهم ملك الأردن الملك حسين وزوجته، والرئيس السادات وزوجته، ومن الكتاب والشعراء أحمد رامي ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وأنيس منصور، ومن العلماء أحمد زويل ومجدي يعقوب. و كذلك كازينو السرايا سان جيوفاني واحدا من معالم الحي الباقية، وكان يطلق عليه أيضا «السفينة the ship» لأنها يشبه السفينة، كما أن الجلوس به يشعرك وكأنك في سفينة في عرض البحر، وكان الكازينو يتردد عليه أثرياء المجتمع وأشهر الفنانين والفنانات، حيث كان يأتي للغناء فيه شفيق جلال وإسماعيل يس وبعض راقصات مصر الشهيرات، بل إن الملك فاروق الاول ملك مصر و السودان (١٩٣٦-١٩٥٢) الذي تحل اليوم ذكري رحيله كان دائم التردد عليه ، ومن بعدها تحول المكان لإقامة الأفراح، ثم تم إغلاقه وحاليا تدرس الحكومة هدمه وإنشاء فندق عالمي.... و لا يزال يثير الشجن و الذكرايات لكل من يمر امامه... و منذ ايام تدخلت المحالظه لاخلاء الكبائن تحته التي كان بعض البلطجيه قد استولوا عليها و كانوا يديرونها في اعمال منافيه للاداب و خارجه عن القانون.... ويعتبر قصر الأمير يوسف كمال - أحد أفراد الأسرة العلويه التي حكمت مصر ( ١٨٠٥ - ١٩٥٣) و نجل السلطان حسين كامل (١٩١٤ - ١٩١٧) من أبرز معالم حي ستانلي، وحاليا يشغله مقر المتحف البحري القومي، ويتخذ القصر موقعا فريدا في مواجهة شاطئ ستانلي على مساحة تتجاوز 3 أفدنة، وهو عبارة عن مبنيين رئيسيين؛ الأول كان يطلق عليه السرايا، وكان مقرا لإقامة الأمير يوسف كمال، إما المبنى الآخر فيعرف بمبنى الضيافة ويوجد عدد من المباني الملحقة به تشمل مرأبا للسيارات وصوبة لزراعة النباتات ومكانا لغسيل وكي الملابس وسكنا لإعاشة الخدم. ويشتمل المكان أيضا علي حديقة كبيرة تضم الكثير من الأشجار والنباتات النادرة والتشكيلات الصخرية الرائعة. وقد آلت ملكية المكان للدولة عقب قيام ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وصدر قرار جمهوري سنة ١٩٨٦ بتخصيص هذا المكان لإنشاء المتحف البحري القومي. يضم خليج ستانلي قصرا بجوار قصر الامير يوسف كمال هو قصر المليونير جوزيف سموحه صاحب و مؤسس ضاحيه سموحه مكان ملاحه رجب باشا بعد تجفيفها و الذي تم تاميمه و اصبح منزل للقنصل السوفييتي... و مع انهيار الاتحاد السوفييتي و عدم و جود صيانه انتقل القنصل الروسي الي مقر القنصليه... و القصر تهدم و تمت ازالته في اول الالفيه... هذا و قد تم تصوير لقطات به في مسلسل رافت الهجان الشهير حيث كان قصر الخواجه شارل سمحون (يوسف سموحه) قبل سفره لاسر ئيل... و كان يظهر الغرفه العلويه التي وصفها الكاتب صالح مرسي كمرسم و عاش فيها رافت الهجان (رفعت الجمال) و يضم ايضا خليج ستانلي فندق صغير يسمى الدوفيل Deauville و كان يتكون من طابقين وكان ملحقا به ملهى اسمه (Grenouille) أو الضفدعة، كما كانت المنطقة كلها فيلات تسكنها أشهر العائلات، تمت هدمه و بناء فندقا مرتفعا و شغله لسنوات مطعم زانيليس Zanilis ... ثم تم هدمه و بناء عقار سكني محله.... ينتهي خليج ستانلي بفندق جميل اسمه فندق رومانس... تم هدمه منذ سنوات و اعاده بنائه و حمل اسم ميركور رومانس تابع لشركه اداره الفنادق العالميه اكوور Accor و عاد رومانس مره اخري حاليا اليوم، إذا أردت الاستمتاع بمنظر ساحر لارتماء قرص الشمس المتوهج في صفحة البحر المتوسط، فعليك بالتوجه لكوبري «ستانلي»، فقبل سنوات قليلة، احتضن الحي أول كوبري يخترق البحر في مصر، والأول الذي يخترق البحر المتوسط، وأضحى كوبري «ستانلي» أحد أهم معالم الإسكندرية بطرازه المعماري الفلورنسي الإيطالي المستوحى من معمار قصر المنتزه، ويبلغ طوله 490 مترا وعرضه 30 مترا، وتكلفته بلغت 30 مليون جنيه. كما أن الكوبري يعد قبلة لراغبي التنزه ليلا، للاستمتاع بضوء القمر وتناول الآيس كريم أو وجبة من الذرة المشوية الساخنة، أو تناول حمص الشام أو غزل البنات أو الترمس. وبعد أن كان الحي يشهد مواكب الأمراء والملوك أصبح يشهد مواكب الزفاف الشعبية بأجوائها المرحة، حيث أصبح كوبري ستانلي مزارا سياحيا لا بد أن تطوف به الزفة سواء كانت بالسيارات أو الحنطور، تجد العريس يصطحب عروسه لالتقاط صور تذكارية تصاحبهم تهليلات ومباركات من المارة والسيارات العابرة، تحييهم بنغمات أبواقها. أما العمارات فكانت تسمى أيضا بأسماء أصحابها الاجانب كان سكان ستانلي خليط من اليونانيين والأرمن و الفرنسين والشوام، و تزاواج منهم أقباط َو مسلمين بأجنبيات، لكن في النهاية كان الجميع أسرة واحده و عوده الي اسم ستانلي الرحاله البريطاني... فقد ولد هنري مورتون ستانلي في دينباي، ويلز بالمملكة المتحده . انتقل إلى نيوأورلينز الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٨٥٧ . و شارك بالقتال في صفوف كلا من الطرفين في الحرب الأهلية الأمريكية حارب مع و ضد تحرير العبيد في واقعه غريبه ، انصرف إلى الصحافة. أربحته اموال كثيره تغطيته لحملة اللّورد نابيير الأثيوبية في عام ١٨٦٨ شهرة صحفية، فتم تكليفه بالذهاب إلى أفريقيا لإيجاد ديفيد ليفينغستون. عثر ستانلي على مكان المستكشف العظيم في بحيرة تنجانيقا في ١٨٧١، وخاطبه بكلماته المشهورة «أفترض أنك الدكتور ليفينغستون؟» و لهذه الرحله حدوته خاصه و في بدايه اكتشاف الحمله المصريه بحيرتي فيكتوريا و البرت و تكوين مديريه خط الاستواء.. اطلق عليهما بحيره ابراهيم باشا و بحيره اسماعيل.... الا انه بعد خروج الجبش المصري من السودان بعد الاحتلال البريطاني... اطلق عليها بحيره فيكتوريا و. بحيره البرت في المراجع الجغرافيه الانجليزيه... ورصدت مذكرات الضابط المصري "إبراهيم باشا فوزي" الكثير من تفاصيل الحياة اليومية في بلاد المنابع بإفريقيا خلال القرن التاسع عشر، وتروي المذكرات تفاصيل الإنجاز الذي حققته مصر في الفترة من عام ١٨٧١ حتى عام ١٨٨٧م، في اكتشاف مناطق شاسعة من إفريقيا، واكتشاف بحيرات نهر النيل، ورفع العلم المصري على البحيرات، وصرف ميزانية هائلة من قبل الحكومة المصرية لرعاية الاكتشافات الجغرافية لنهر النيل من المكتشفين الأجانب. و كذلك كتاب الامير عمر طوسون الذي رصد ما حدث من تغيير للمسميات في كتابه الوثائقي "مديريه خط الاستواء" الصادر في ثلاث اجزاء . و قد عومل ستانلي بشكل سيئ بالنسبة للدراسات التاريخة الحديثة، حيث كشف كذبه حول بعض الأحداث في حياته، كما عثر على ازدواجية في بعض من تعاملاته، والعديد من الأفعال الوحشية ضد الأفريقيين. و رأى الشخصي انه لا يستحق تخليد اسمه عاي احد اهم و ارقي المناطق بالاسكندريه...