الأن يتجدد اللقاء الأسبوعي مع عالم من علماء الفقه اللغوي ( اللغة العربية)
الدكتور/ محسن محمد معالي
ولقاء اليوم مع الشرح المبسط لكتاب
محكم الكلمات
في ألفاظ الموبقات
مُحكَمُ الكَلِمَاتِ في أَلفَاظِ المُوبِقَاتِ
إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ تَعَالى وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ ، فَلا مُضِلَّ لَهُ ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريْكَ لَهُ ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسوْلُهُ الذِي نَزَلَ عَلَيهِ الرُّوحُ الأَمِينُ بِالكِتَابِ المُبِينِ، وَرَفَعَ بِهِ ذِكْرَ نَبِيِّهِ إِلى يَوْمِ الدِّينِ ، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، خَيرَ التَّالينَ ، وَخَيْرَ المُجَوِّدِينَ ، لهَذَا الكِتَابِ قِرَاءَةً وَصَوْتًا وَبَيَانًا ، وَلَقَدْ كَانَ لنَا فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، وَقَدْ تَوَارَثَ عَنْهُ ذَلِكَ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَمَا يَزَالُ القُرآنُ الكَريمُ يُقْرَأُ غَضًّا طَرِيًّا إِلى يَومِ القِيَامَةِ .
وَبَعدُ ، فَإِنَّ لِلمُوبِقَاتِ صُوَرًا كَثِيرَةً مُخْتَلِفَةً ، نَهَى الشَّرْعُ عَنْهَا ، وَبَيَّنَهَا في مَواضِعِهَا، بَيدَ أَنَّنَا في هَذَا العَصْرِ وَجَدْنَا مَنْ يُجَاهِرُ بِالفَاحِشَةِ، وَيُلْبِسُ عَلَى النَّاسِ في ذَلِك ، وَيُسَمِّيهَا بِغَيرِ اسْمِهَا ؛ لذَا كَانَ لا بُدَّ مِنْ البَيَانِ وَالإِيضَاحِ وَالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ ، فَمَنْ تَدَبَّرَ القُرْآنَ نَالَ مِنْ كُنُوزِهِ وَذَخَائِرِهِ الكَثِيرَ .
فَفِي الحَدِيثِ ، عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ نَبَتَ لَهُ غَرْسٌ فِي الجَنَّةِ ، وَمَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فَأَكْمَلَهُ ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أَلْبَسَ وَالِدَيْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ تَاجًا هُوَ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتٍ مِنْ بُيُوتِ الدُّنْيَا ، لَوْ كَانَتْ فِيهِ ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالذِي عَمِلَ بِهِ" ( 1 )
وَفِي كُلِّ يَومٍ تُطَالِعُنَا آرَاءُ مُخْتلِفَةُ ، يَتَجَدَّدُ خِلالَها الحَدِيثُ ، وَيَكَثُرُ بَيْنَ النَّاسِ حَوْلَ انتِشَارِ الفَوَاحِشِ ، وَتَشْهَدُ اخْتَلِافًا بَيْنَهُمْ ، وَقَدْ تَسأَلُ ، فِيمَ الخِلَافُ ، وَالحَلالُ بَيِّنٌ ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ ؟ وَلَكِنَّهَا المَصَالِحُ المُتَضَاربَةُ.
وَالحَقيقَةُ أَنَّ هُنَاكَ طَائِفَةً تَرَى الفَاحِشَةَ مَظْهَرًا مِنْ مَظَاهِرِ المَدَنِيَّةِ وَالرُّقِي وَأنَّهُ سِمَةٌ مِنْ سِمَاتِهَا، وَهَذَا لا يَكُونُ إِلا عِنْدَ مَنْ فَقَدَ النَّخْوَةَ مِمَّنْ لا يَرَونَ بَأْسًا في التَّهَتُّكِ وَالخَلاَعَةِ والمُجُونِ ، وَصَارَ الفَردُ مِنْ هَؤُلاءِ دَيُّوثًا لا يَغَارُّ عَلَى أهْلِهِ ، وَأغَفَلَ ، أوْ تَغَافَلَ عَنِ التَشْريعِ الذِي أنزَلَهُ اللهُ لِهِدَايَةِ البَشَرِ .
وَمِنْ ثَمَ يَنبَغِي أَنْ نُدْرَكَ أَنَّ المَقْصِدَ العَامَ للتَشْريَعِ الإِسلَامِيِّ هُوَ حِفْظُ نِظَامِ الأمَّةِ وَاسْتِدَامَةِ صَلاحِهِ بِصَلاحِ الإنسَانِ ، وَيَشْمَلُ صَلاحَ عَقْلِهِ صَلاحَ عَمَلِهِ وَصَلاحَ مَا بَيْنَ يَدَيهِ في العَالمِ الذي يَعِيشُ فيهِ ، وَلا شَكَّ أنَّ دَرءَ المَفَاسِدِ يَحصُلُ بِإصلَاحِ حَالِ الإنسَانِ الذِي كَرَّمَهُ اللهُ ، وَوَهَبَهُ نِعْمَةَ العَقْلَ ؛ لِيُعَبُدَهُ مُخْلِصًا ، قَالَ تَعَالى : قُلْ إِنِّي أُمِرتُ أنْ أَعبُدَ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11: الزمر)
وَاللُّغَةُ هِيَ وَجْهُ الفِكْرِ الظَّاهِرِ لِلنَّاسِ ، وَهيَ خَاصِّيَّةٌ مِنْ أبرَزِ خَصَائِصِ الأُمَّةِ ، وَمِرآةُ حَضَارِتِهَا ، وَعَامِلُ مِنْ عَوَامِلِ وِحدَتِهَا وَقُوَتِها ، وَلاشَكَّ أَنَّ كُلَّ أُمَّةٍ تَعتَزُّ بِتَارِيخِهَا ، تَهتَمُّ بِلُغَتِها ، وَتُحافِظُ عَلَيهَا مُحَافظَتِهَا عَلَى أَبنَائِهَا ، وَكُلَّمَا ازدَادَ تَمَسُّكُ الأُمَّةِ بِلُغَتِهَا ارتَقَتْ وَشَعَرَ أَبنَاؤُهَا بِالفَخْرِ.
وَاللُّغَةُ العَرَبيةُ بِشَكْلٍ خَاصٍ لَهَا مَكَانَةٌ سَامِية في أفئِدَةِ مُعظَمِ النَاطِقِينَ بهَا ؛ لأَنَّها لُغَةُ القرآنِ الكَرِيمِ ؛ لِذَا فَإنَّهُ حَرِيٌ بِنَا أَنْ نُحْسِنُ استِيعَابَهَا .
قَالَ الإمَامُ الطَّبَريُّ :
" إِنِّي لأَعجَبُ مِمَّنْ يَقْرَأُ القُرآنَ ، كَيفَ يَلْتَذُّ بِتِلاوَتِهِ ، وَلَمْ يَفهَمْ مَعْنَاهُ "( 1 )
وَلا شَكَّ أَنَّ ارتِبَاطَ اللُّغةِ العَرَبِيَّةِ الفُصحَى بِالقُرآنِ الكَرِيمِ، هُوَ السِرُّ في تَمَسُّكِنَا بِالعَرَبِيَّةِ الفُصْحَى ، وَالدَّعوَةِ إلى دِرَاسَتِهَا دِرَاسَةِ مُتَأنِّيَةِ مُستَفيضَةِ ، حَتَّى نَفهَمَ بِهَا القُرآنَ الكَريمَ، وَمَا دَارَ حَوْلَهُ مِنْ دِرَاسَاتِ .
وَمِنْ ثَمَّ فَإنَّنَا نُشِيرُ إلى أهَمِّيَةِ العِنَايَةِ بِالمَعنَى السِّيَاقيِّ ، وَتحدِيدِ السِّيَاقِ اللُغَويِّ وَالسِّيَاقَ المَوقِفِي ، وَأَسبَابَ النزُولِ ، لِمَا لهَذِهِ العَوامِلِ مِنْ تَأْثيرٍ فَعَّالِ في تَحْدِيدِ الدِّلَالَةِ ، إِذْ أَنَّهُ يُعِينُ عَلَى فَهْمِ الدَّلالَةِ الوَارِدَةِ في آيَاتٍ مُتَشَابِهَاتٍ، كُلُّ حَسب سِيَاقِهِ الوَارِدِ فيهِ ، كَمَا أنَّ تَضَافُرَ الدَّلائِلِ وَالقَرَائِنِ هُوَ السَّبِيلُ لِتَحْدِيدِ دَلالَةِ الكَلِمَةِ في الآيَةِ .
* مَنْهَجُ الكِتَابِ
جَمَعْتُ في هَذَهِ الصَّفَحَاتِ الأَلفَاظَ الدَّالَةَ عَلَى المُوبقَاتِ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّة، وَهِيَ مُحَاوَلَةُ لِرَبْطِ الأَلْفَاظِ الدَّالَةِ عَلَيهَا حَتَّى تُعْطِي صُورَةً مُتَكِامِلَةً للفَاحِشَةِ ، وَالرُّجُوعِ إِلى كُتُبِ التَفَاسِيرِ ، بِالمَأْثُورِ ، كَالطَبَرِي ، وَابنِ كَثِيرِ ، وَقَدِ استَفَدْتُ كَثِيرًا مِنَ التَفْسِيرِ بِالرَّأْي مِنْ كُتُبِ التُّرَاثِ مِثْل رُوحِ المَعَانِي ،وَتَفْسِيرِ القُرْطُبِيِّ، وَالتَحريرِ وَالتَنْوِيرِ.
وَالتزَمْتُ مَنْهَجَ التَفسِيرِ المَوْضُوعِي في عَرْضِ الآيَاتِ ، وَوَثَّقْتُ الآيَاتِ الوَارِدَةَ في الكِتَابِ ، وَخَرَّجْتُ الأَحَادِيثَ مِنْ كُتُبِ الصَّحِيحِ التِسْعَةِ .
بَيْدَ أَنَّهُ يَحْسُنُ لي قَبْلَ البَدْءِ في الحَدِيثِ عَنِ الفَوَاحِشِ في ضَوءِ القُرْآنِ أَنْ أُمَهِّدَ بِشَيءٍ مِنَ الإِيجَازِ عَنْ هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّفْسِيرِ في مَعْنَاهُ وَخَصَائِصِهِ ، وَطَرِيقَةِ البَحْثِ فِيهِ .
التَّفْسِيرُ المَوْضُوعِي هُوَ إِفْرَادُ الآيَاتِ القُرآنِيةِ التي تُعَالِجُ مَوْضُوعًا وَاحِدًا وَهَدَفًا وَاحِدًا ، بِالدِّرَاسَةِ وَالتَّفْصِيلِ ، بَعْدَ ضَمِّ بَعْضِهَا إِلى بَعْضٍ ، مَهْمَا تَنَوَّعَتْ أَلْفَاظُهَا ، وَتَعَدَّدَتْ مَوَاضِعُهَا ؛ دِرَاسَةٌ مُتَكَامِلَةٌ مَعَ مُرَاعَاةِ المُتَقَدِّمِ وَالمُتَأَخِّرِ مِنْهَا وَالاسْتِعَانَةُ بِأَسْبَابِ النُّزُولِ ، وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ ، وَأَقْوَالِ السَّلَفِ الصَّالِحِ المُتَعَلِّقَةِ بِالفَوَاحِشِ وَالمُوبِقَاتِ ( 1 ) .
في هَذَا الكِتَابِ تَتَبَّعْتُ الأَلفاَظَ المُوبِقَاتِ وَدَلَالَاتَهَا فِي اللُّغَةِ وَالاصطِلَاحِ في دِرَاسَةٍ تَطبِيقِيَّةٍ ، وَعَرَضْتُ لِدَلالاتِهَا المُختَلِفَة وَحَصَرْتُ مَوَاضِعَهَا ، وَأَلْقَيْتُ الضَّوءَ عَلَى اختِلَافِ مَعنَى اللفظِ تَبَعًا لِدَلالةِ السِّيَاقِ الذِي وَرَدَتْ فيهِ ، فَكانَتِ المَعَاني: {البُخْلُ- القَذْفُ-الزِّنَا - البَذَاءَةُ- اللوَاطُ - أعمَالُ الفَسَادِ} وَغَيرُ ذَلِكَ
وَعَرَضْتُ لأسبَابِ ارتِكَابِ المَرْءِ للفَوَاحِشِ ، وَبَيَّنْتُ أهَمِّيَةَ أنْ يَحْرِصَ المُسْلِمُ
عَلَى أَلاَّ يَتَّبِعَ خُطْوَاتِ الشَّيطَانِ التي تُلْقِي بِهِ إِلى التَّهْلُكَةِ ، وَأَهَمِّيَّةَ الحِرصِ الابتِعَادِ عَنْ مُسَبِّبَاتِ وَدَاوَعِي الفَوَاحِشِ ، فَلا يَقْرَبُهَا .
وَبَيَّنْتُ كَذَلِكَ نِكَاحَ المَحَارِمِ ، وَالنِّسَاءَ اللائِي لا يَحِلُّ للرَّجُلِ الزَّوَاجَ مِنْهُنَّ إِذْ إِنَّهُ عَلَى المُؤْمِنِ أنْ يَقي نَفسَهُ مِنَ الوُقُوعِ في الفَوَاحِشِ بِحُسْنِ التَّربيَّةِ الإيمَانيةِ ، وَالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهي عَنِ المُنكَرِ ، وَتَيسيرِ الزَّوَاجِ للشَّبَابِ وَمِنْ ثَمَّ سَدُّ الذَّرَائِعِ المُثِيرَةِ للشَّهْوَةِ الجِنسِيَةِ .
وَبَيَّنْتُ خُطُورَةَ ارتِكَابِ فَاحِشَةِ الزِّنَا ، وَأثَرَ ذَلِكَ في المُجْتَمَعِ ، وَخُطُورَةَ فَاحِشَةَ اللوَاطِ المُنَافِيَةِ لفِطْرَةِ اللهِ وَالأَمْرَاضَ التي تُصِيبُ مَنْ يَقتَرِفُهَا ، وَإقَامَةَ الحَدِّ عَلَيهِ في الدُّنيَا ، وَالعِقَابَ وَالآخِرَةِ .
وَمِنْ ثَمَّ أُوصِي بِالتَّمَسُّكِ بِقِيَمِ الإِسلَامِ وَثَوَابِتِهِ في المُحَافَظَةِ عَلَى طَهَارَةِ النَّفسِ بِالبُعْدِ عَمَّا يُغْضِبُ اللهِ ، وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ في تَربيةِ الأبنَاءِ وَتَنْشِئَتِهِمْ عَلى الفَضِيلَةِ وَالقُدْوَةِ الحَسَنَةِ بِالابتِعَادِ عَنْ سُبُلِ الوُقُوعِ في الفَواحِشِ وَأَنْ يَلْتَزِمَ مَنْ بِيَدِهِ الأَمْرِ بِتَوقِيعِ العُقُوبَةِ عَلَى مَنْ يَنحَرفُ عَنْ الطَّريقِ المُسْتَقيمِ .
وَأُوصِي بِتَأمُّلِ حِكْمَةِ اللهِ بِتَدَرُّجِ تَطْبيقِ تَشْرِيعِ حَدِّ الزِّنَا الذِي كَانَ لتَهْيئَةِ المُجْتَمَعِ للقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ الجَريمَةِ مِنَ المُجْتَمَعِ ، وَإِذَا تَأمَّلْتَ عُقُوبَةَ فَاحِشَةَ اللوَاطِ ، وَجَدْتَ فيهِ أَخْذًا بِقُوَّةِ عَلَى أيدِي المُذنِبِينَ ، وَأَهْلَكَهُمْ بِذِنُوبِهِم ، وَتَرَى التَّأْكِيدَ عَلَى أَنَّ بَابَ التَّوبَةِ مَازَالَ مَفتُوحًا أَمَامَ مَنْ يَعُودُ إِلى اللهِ وَيُقْلِعُ عَنِ الذَّنْبِ ، وَيَهْجُرُ المَعَاصِي ، وَيُقْبِلُ عَلَى الطَّاعَةِ ، فَمَنْ تَابَ إِلى اللهِ تَابَ اللهُ عَلَيهِ .
وَقَدْ بَيَّنْتُ عُقُوبَةَ مَنْ يُمَارسُ الفَاحِشَةَ فِي الدُّنيَا حَيْثُ يُصَابُ بِالأَمرَاضِ وَيَمْحَقُ اللهُ البَرَكَةَ مِنْ رِزْقِهِ ، فَلا يَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ ، وأعَدَّ لَهُ العَذَابَ الأَليمَ في
الآخِرَةِ ؛ لأَنَّ الفَوَاحِشَ تُعَدُّ مِنْ الكبَائِرِ .
لِذَلكَ أُوصِي أَجْهِزَةَ الإِعلامِ المَقْرُوءَةِ وَالمَسْمُوعَةِ بِتَقوَى اللهِ وَتَبصِيرِ النَّاسِ بِمَا يُصْلِحُ لَهمْ دِينَهُمْ وَدُنيَاهُمْ ؛ لأَنَّ كُلَّ إنسَانٍ مُحَاسَبٌ عَلَى مَا اقْتَرَفَ مِنَ نَشْرٍ للفَوَاحِشِ ، وَأدعُوهُمْ للتَّحَلي بِالصِّدْقِ وَعَدَمِ إشَاعَةِ أَخْبَارِ الفَوَاحِشِ للحَدِّ مِنْ انتِشَارِهَا في المُجْتَمَعِ ، وَأنْ تتَضَمَّنُ مَنَاهِجُ التَّعْلِيمِ مَا يَحِثُّ عَلَى الفَضِيلَةِ وَيُنَفِّرُ مِنَ الرَّذِيلَةِ ، وَيُبَيِّنُ قِيَمَ الإعْجَازِ التَّشْريعِي في تَحرِيمِ الفَوَاحِشِ ، وَإقَامَةِ الحُدُودِ .
وَعَلَينَا أَنْ نَحرِصَ عَلَى طَلَبِ الحَلالِ ، وَأَنْ نَفِرَّ مِنَ الفَوَاحِشِ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا ، وَمَا بَطَنَ ؛ لأنَّ العَاقِبَةَ وَخِيمَةٌ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَلنَكُنْ مُوقِنِينَ أَنَّ الزَّوَاجِرَ وَالعُقُوبَاتِ وَالحُدُودَ مَا هِيَ إلاَّ إِصْلَاحٌ لِحَالِ النَّاسِ .
وَأُشْهَدُ اللهَ أَنَّنِي قَدْ اسْتَفَدْتُ مِنْ كِتَابَةِ هَذَا المَوضُوعِ ، لِمَا اطَّلَعْتُ عَلَيهِ مِنْ حَقَائِقَ فَي تَفْسِيرِ الآيَاتِ ، وَالَحَدِيثِ الشَّريفِ ، وَما رَأيتُ منْ أثَرِ السِّيَاقِ في بيَانِ الدَّلالَةِ ، وَمِنْ ثَمَّ أدرَكتُ أَنَّ مَا نُعَانِي مِنْهُ في عَصْرِنَا الحَالي مِنْ اضْطِرَابَاتٍ وَعَدَمِ الشُّعُورِ بِالطُّمَأْنِينَةِ مَا هُوَ إِلاَّ حَصَائِدَ مَا نَرَاهُ في مُجْتَمَعَاتِنَا مِنِ انتِشَارٍ للفَوَاحِشِ بِاختِلَافِ أنوَاعِهَا ، وَمِنْ ثَمَّ فَإنَّهُ وَجَبَ عَلَينَا أنْ نَعْمَلَ جَاهِدِينَ عَلَى اجتثَاثِ جُذورِ الفَوَاحِشِ مِنْ مُجْتَمَعِنَا .
وَنَسألُ اللهَ العَلِي القَدِيرَ أنْ يَتَقَبَّلَ هَذَا العَمَلَ، وَأَنْ يَكُونَ خَالصًا لِوجْهِ اللهِ تَعَالى
محكم الكلمات
في ألفاظ الموبقات
من إصدارات مؤسسة حورس الدولية للطباعة والنشر والتوزيع برئاسة الأستاذ أحمد عبد المنعم والصادر (٢٠١٩)
تجدونه (٤٧ مصطفي كامل بجوار كلية التربية الرياضية بنات بوكلي)