عرض "لعنة كارامازوف" للفرقة القومية بالإسكندرية إحياء للرواية الروسية بروح مصرية معاصرة !!

عرض "لعنة كارامازوف" للفرقة القومية بالإسكندرية إحياء للرواية الروسية بروح مصرية معاصرة !!
عرض "لعنة كارامازوف" للفرقة القومية بالإسكندرية إحياء للرواية الروسية بروح مصرية معاصرة !!

 

 يستعد حالياً الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم المخرج المسرحى وأستاذ التمثيل والإخراج بجامعة الإسكندرية، لتقديم عرض "لعنة كارامازوف" للفرقة القومية بالإسكندرية خلال شهر رمضان، عن رواية "الإخوة كارامازوف" للروسى فيودور دستويفسكى، إعداد وأشعار/ ميسرة صلاح الدين، ديكور وملابس/ مهندس وليد السباعى، إضاءة/ إبراهيم الفرن، موسيقى وألحان/ محمد مصطفى، دراما حركية/ محمد علاء، مكياج/ على غازى، إدارة مسرحية/ محمد الجمل ومحمد الكحلاوى وحازم الدرباشى، مديرة الفرقة/ الفنانة ريهام عبد الرازق.

 

يقوم ببطولة العرض الفنانين المبدعين : (محمد على، أحمد إسماعيل، زيزى محمود، ماجى أحمد، نور القاضى، سارة إبراهيم، مصطفى عسكر، إبراهيم أبو الوفا، محمود فيشر، مصطفى جمال، محمد المصرى، محمد بكرى، خالد إسماعيل، إنجى مصطفى، محمد سعيد، يوسف العدلى، سماح محمد، صلاح الدين هلال، طارق أشرف، مصطفى المصرى، سيف محمد، مروان هشام، فارس هريدى، روان خالد، سارة خالد، محمد خالد، آية خالد، أحمد نبيل)، المخرجان المنفذان/ مى عبد الرازق وإسلام عبد المنعم، إخراج/ أ.د. محمد عبد المنعم. 

 

       راقصون (كريم سعيد، إبراهيم بلتاجى، محمد علاء، أحمد هيثم، محمود البك، جنى عمرو، مريم صابر، رودينا حسن، أريج عاشور)، تنفيذ ملابس/ نبيلة عصام بدوى، تنفيذ موسيقى/ حسام الدين مصطفى.

 

   ومن الجدير بالذكر أن رواية (الإخوة كارامازوف) تُعد من أشهر روايات الكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي، والتى قد حظيت باهتمامٍ كبيرٍ باعتبارها تتويجاً لأعمال الكاتب، وقد كتبها في عام 1880م؛ أى أواخر القرن التاسع عشر.

       وعندما يرغب أى مخرج فى إعادة تقديمها فى أوائل العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين - أى عندما أوشكنا على الاقتراب من القرن ونصف القرن منذ كتابتها - فإن الأمر يثير تساؤلات عدة فى مقدمتها : ما دوافع تقديم هذه الرواية بالتحديد من دون غيرها؟ وهل هناك مبررات مهمة تقضى بإعادة تقديمها فى هذه الآونة؟ ومالجديد الذى يمكن أن يضيفه هذا العمل الذى قدم من قبل فى معالجات متعددة سينمائية وتليفزيونية ومسرحية؟ وغيرها من التساؤلات المهمة التى تفتح أبواب النقاش المثمر حول رائعة من روائع الأدب الروسى. 

       ويوضح المخرج المسرحى أ.د/ محمد عبد المنعم أن اختياره لتقديم هذا العمل يعود إلى أسباب عدة : (أولها) المكانة الأدبية التى يحظى بها كاتبها فيودور دستويفسكى بين كُتاب الأدب العالمى؛ إذ يُعتبر من أشهر الروائيين العالميين الروس، وهو أيضاً كاتب قصص قصيرة، وفيلسوف وصحفي بارز. فضلاً عن المكانة الرفيعة التى تحظى بها أعماله؛ إذ تتميز كتاباته بصلتها الوثيقة بالنفس الإنسانية وبالمجتمع وأوضاعه؛ فتتسم بعمق كبير يتغلغل في النفس البشرية، كما أنه في كل كتاباته يُقدم تحليلاً عميقاً اجتماعياً وروحياً لأفراد المجتمع الروسي الذي كان يعيش في فترة القرن التاسع عشر؛ ومن ثم فإن أعماله تركز جل اهتمامها على الإنسان فى علاقته بالآخر وبالمجتمع ومايترتب على ذلك من موضوعات وأفكار تثير قضايا شمولية وثيمات إنسانية، ونماذج بشرية متناقضة ومتنافرة؛ لذا فإن تناول أعمال هذا الكاتب يفيدنا فى معالجة قضايا الإنسان المعاصر فى أى مكان وأى زمان وأى مجتمع وعصر، كما يمكن إسقاطها على مجتمعنا المعيش فى الوقت الراهن، فالإنسان هو الإنسان مهما اختلفت البيئات المكانية وتفاوتت الأزمنة والعصور.

        (ثانيها) لما تحويه هذه الرواية من كثير من القضايا التي تمس البشر وتتعلق بحياتهم، مثل تربية الأبناء والعلاقات العائلية، ومسؤولية كل شخص في الحياة تجاه الآخر، والعلاقة بين الكنيسة والدولة، فضلاً عن بعض القضايا الأساسية الجوهرية الأخرى التي تمس الإنسان وتحيره في العصر الذي يعيشه، ومن أهم هذه القضايا: العدالة، والخير والشر، والمساواة، والحرية، والخلود، والعدالة السماوية. كما تتناول الرواية ككل أزمة الأخلاق والعديد من القيم الاجتماعية التي تمر بها العائلة من جهة، ورجال الدين من جهةٍ أخرى، بالإضافة إلى القانون والغريزة والأنانية، وكيف أن هذه الأمور تظهر جميعها في القضايا اليومية التي يعيشها البشر؛ لذلك نالت هذه الرواية تعظيماً كبيراً وإجلالاً من قبل كبار المفكرين والنقاد والعظماء الذين كانوا يعيشون في العصر الذي نُشرت فيه؛ ومن ثم فإن هذه الرواية تحديداً تُعد مادة درامية خصبة ثرية بالمواقف والأحداث والقيم والقضايا الفكرية التى تتصل بالنفس الإنسانية وبالإنسان ومواقفة المتعارضة المتناقضة أو المتوافقة مع الآخر ومع الحياة؛ الأمر الذى يتيح لنا الفرصة لتخير بعض الخيوط الدرامية الملهمة والمناسبة لطرح قضايا مجتمعنا المصرى الشرقى، واختزال البعض الآخر الذى لايفيد فى خدمة قضايانا. 

  كما يستأنف المخرج المسرحى أ.د/ محمد عبد المنعم حديثه، فيقول " بدأت فكرة العرض عندما كونت فريق عمل مكون من الكاتب والشاعر ميسرة صلاح الدين والسينوجراف مهندس وليد السباعى، واتفق ثلاثتنا على تقديم عرض مسرحى يتأسس على رواية (الإخوة كارامازوف)؛ حيث إن الركائز الفكرية التى حوتها الرواية الأصلية كانت بمثابة مثير قوى لنا جذبنا للتوقف أمامها طويلاً، فأمعنا النظر فيها وآثرنا أن تستلهمها كى نستنطقها ونعيد تأويلها بما يخدم قضايا وهموم الإنسان المعاصر فى مجتمعنا فى الوقت الراهن، بحيث نجعل الماضى - ممثلاً فى الرواية الأصلية وبعض شخوصها وقضاياها – يتحاور مع الحاضر وبعض معطياته وهمومه وقضاياه، وكذلك نجعل الماضى يلقى بظله على واقعنا المعيش، بل نبلورانعكاسات الماضى العتيق على قيم واتجاهات وسلوكيات أبناء الحاضر فى عصرنا الحالى؛ ومن ثم فإن خصوبة هذه الرواية العالمية تحفز على تحميلها بمسحة مصرية شرقية، وإعادة تأويل مضامينها بشكل يخدم أطروحتى الفكرية حول علاقة الرجل بالمرأة فى مجتمعنا، ومدى تعقد هذه العلاقة وتشابك خيوطها وتأرجحها بين التوافق تارة والتعارض والتنافر تارة أخرى بسبب الطرفين. وقضية رغبة المرأة داخل مجتمعاتنا الشرقية فى التمرد على العالم الذكورى وتسيده. وقضية عدم تواصل الأجيال والهوة السحيقة التى تفصل بين جيل الآباء وجيل الأبناء؛ مما يؤدى إلى خلق محن وأزمات تتسبب فى تفسخ أركان الأسرة وعدم استقرارها، وكذلك تفسخ أركان المجتمع وتردى بعض أفراده. وقضية مسئوولية الرقيب داخل الأسرة والعائلة ودوره تجاه أفراد عائلته. وقضية مواجة أخطاء الماضى وعدم الاستسلام للحظات الضعف البشرى ومحاولة إصلاح ما مضى. ومحاولة تصوير شبكة معقدة من المشاعر الإنسانية المتناقضة والمتنافرة داخل أعماق النفس البشرية وصراعاتها التى لاتنتهى بين الحب والكره والأنانية والجشع والانتقام والتدنى الخلقى والحيرة والقلق وغيرها من المشاعر الكامنة بالنفوس، والتى تجسد معاناة الإنسان المعاصر".

     وفى سبيل تحقيق ذلك عمدنا إلى عدم تقديم الرواية الأصلية المعروفة كاملة كما هى ببنيتها الكلاسيكية، وبمختلف قضياها، وخطوطها الدرامية، بل أسسنا رؤيتنا الفكرية والفنية والسينوجرافية على أسلوب حداثى يعمد إلى التفكيك والتجزيئ والتشظى، والاعتماد على مبدأ الانتقاء والاختزال والتكثيف، بما يخدم الفكرة الجديدة المطروحة؛ فاحتوى النص المسرحى الجديد على بعض الوحدات الدرامية بعينها من مشاهد الرواية دون غيرها من المشاهد الأخرى؛ وذلك عن طريق تقسيم الرواية الأصلية إلى لوحات أو مشاهد متعددة، ثم تقسيم هذه المشاهد إلى لحظات درامية محددة، واختيار بعض اللحظات الدرامية بعينها والتى تخدم هدفنا: كالمشهد الذى يدور بين ديمترى - العنيد الذى يصارعه أبوه على حب معشوقته جيروشينكا - وايلوشا أخيه المتدين الخير، وفيه يكلف الأول أخيه ايلوشا أن ينوب عنه ويخبر خطيبته كاترينا بأنه سوف يفسخ خطبته لها لأنه لايعشق سوى جيروشينكا. والمشهد الذى يمارس فيه الأب كارامازوف الإذلال والتحقير والقسوة على ابنه غير الشرعى سمردياكوف. والمشهد الذى يكشف عن غضب الأبناء - كإيفان المثقف المفكر وايلوشا المتدين - من تماهى الأب العجوز فى شهواته وانغماسه فى ملذاته. وغيرها من المشاهد الأخرى كالتى تصور جو السُكر والعربدة الذى يحيا فيه الأب وبعض الأبناء، أو نقمة الأبناء على أبيهم وصراعهم معه بحيث يتم استنطاق هذه المشاهد ليمتد أثرها على واقعنا وقضايانا.

 

– آثرنا استحداث شخصيات مصرية معاصرة تسهم فى تجسيد القضايا الجديدة المستهدفة، ولاسيما القضايا التى تتصل بالجانب الآخر من المجتمع وهو "المرأة"، وهذه الشخصيات هى :(الأم الجادة التى تتحمل عبء مسئولية بناتها بعد رحيلها عن الأب – الابنة الكبرى التى تتمتع بدلال أنثوى – الابنة الوسطى المثقفة والتى تتمتع بالهدوء والحكمة – الابنة الصغرى التى تشبه الفتيان فى تصرفاتها وتتسم باللامبالاة)، فهذه الشخصيات تمثل العالم الأنثوى فى مجتمعنا؛ ذلك العالم الذى يعانى فى أحايين كثيرة من قهر الرجل، وتعنته، وقسوته، وأنانيته؛ مما يفضى إلى قدر كبير من الخلافات العائلية الأسرية، ويسبب احتقان نفسى تجاه الرجل بما يمثل العالم الذكورى المتحجر، ويؤدى إلى الخواء الروحى والرغبة فى التمرد على الرجل.

- استحداث شخصية الجارة رقية العجوز التى تحصل إيجار المنزل أو القصر، وتمثل الجانب الطيب فى المجتمع والذى يساند الآخر، ويؤازره، كما تكمل الشكل الحميمى للأسرة المصرية التى تتكون فى العادة من الأبناء والجدة جنبا إلى جنب مع الأب والأم؛ ومن ثم فهى تعادل نموذج الجدة العجوز التى تتعامل بحميمية مع الأبناء وتسلك مسلك الحكاءة؛ فتضفى جواً دافئاً فى المكان الذى تتواجد فيه. واستحداث شخصية العجوز صابر زوج رقية الذى يرعى القصر ويحرسه، والذى يتسم بالحكمة والرزانة، ويسهم فى بلورة لحظات التنوير، وانضاج وعى الأم، ويستحثها على مواجهة الذات، ومواجهة الماضى سعياً لإصلاح ما فسد بفعل هروبنا من مواجهة ذواتنا وهروبنا كذلك من محاولة معالجة أخطأنا؛ وهو يعادل فى حنكته وحميميته ورجاحة عقله نموذج الجد فى الأسرة المصرية. والشخصيتان تمثلان العنصر الذى يخفف من هول المعاناة ووطأة الهموم، ويبعث على الأمل، ويمد الآخر بطاقة إيجابية فعالة.

 

  قد ولد العمل فى شكله النهائى يسير فى خطين دراميين متوازيين يتقطعان تارة، ويمتزجان تارة ثانية؛ حتى يتحقق المزج بين الماضى العتيق والحاضر المعاصر، بين الخيال والحقيقة، بين الحلم والواقع على نحو برانديللى فتتعمق القضية المطروحة : الخط الدرامى الأول تمثله مشاهد مؤلفة خصيصا لتبلور المضمون الفكرى الذى رغبنا فى طرحه؛ فتصور أسرة مصرية مكونة من أم وثلاث بنات هجرن منزل الأب العربيد اللعوب، الذى لايهتم ببناته أو زوجته بل يتصابى ويغازل النساء والفتيات وكذلك صديقات بناته، إلى قصر بعيد هربا من مواجهة هذا الأب؛ وعبر الإقامة فى هذا القصر يتم استدعاء الخط الدرامى الثانى الذى تمثله مشاهد الرواية الروسية، وعلى المستوى البصرى عمدت إلى وجود حى وفعال لمجموعة من الأشباح التى تسكن القصر وتمثل أشباح الماضى؛ فتحرك الأحداث وتشارك فيها وتسهم فى تصعيدها عبر التعبير الجسدى والتمثيل الصامت والدراما الحركية؛ للتعبير عن أن أشباح الماضى لاتزال تلقى بظلها على الحاضر!!

 

        وقد شهدت الفرقة فى غضون الأيام السابقة تدريبات مكثفة على يد المخرج ، وكأنها فى مهمة قومية؛ إذ أعدت نفسها إعداداً فنياً جيداً على أسس تقنية وعلمية منهجية تحت قيادة وتوجيه المخرج المسرحى المبدع الأستاذ الدكتور/ محمد عبد المنعم والذى قام بتدريب الفرقة بأسلوب الورش المعملية الشاملة، وأجرى لهم التدريبات اللازمة على العرض؛ الأمر الذى يكشف عن الصورة الصادقة للقوى الناعمة فى مصر وإرادتهم الصلبة، ومحاولاتهم المستمرة لتحدى الصعاب، وتحقيق الذات؛ مما يبعث على الأمل المشرق فى غد جديد بسواعد الفنان المصرى المثقف الطموح.     

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى المركز الافريقى لخدمات صحة المرأة يقيم (يوم مع اليتيم المعاق) و يكشف علي ١١٩ معاق احتفالا باليوم العالمى للتوعية بمرض التوحد

 
Get new posts by email: